ديننا الإسلامي الحنيف، هو دين الحوار ودين الخطاب السهل، فربنا جل وعلا خاطب الملائكة وكلم أنبياءه وخاطب إبليس (قال ما منعك ألا تسجد لما خلقت بيدي)، وحاور إبراهيم عليه السلام مدعي الربوبية وخاطب موسى فرعون مدعي الألوهية. ودعوة الإسلام للحوار تتجلى في قوله تعالى: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن). وعندما رسم لنا التطور التقني دائرة كبيرة نحلق في إطارها ليسهل عبرها الوصول للمتلقي وضخ أكبر قدر ممكن من القيم والسلوكيات من خلال منظومة إعلامية متكاملة يعبر من خلالها المرسل برسالته لعقل المتلقي بالدعوات والتوجيه للفضائل والقيم الحسنة، ومن خلال ذلك التوجيه وتلك الدعوات تعزيز مفهوم الحوار.. من هذا المنطلق كانت توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بإنشاء مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني. ليكون نبراسا للدعوات الحرة نحو حوارات راقية فيها دعوة لاحترام الآخرين ونبذ الحجر على آرائهم أو إقصائهم. فمفردة الحوار تجلت كثيرا في الآونة الأخيرة، والمتتبع للشأن الاجتماعي في مجتمعنا يجد اختلافا كثيرا في عملية الحوار.. كما تمخض عن تلك الدعوات الممنهجة وعي نسبي لدى العامة لكل ما يطرح. مقارنة بما كان يتم طرحه في السابق، وانعكس ذلك الوعي على حواراتنا العامة في العمل وفي المدرسة وفي الشارع وفي الأسواق، حتى داخل المنزل وبين أفراد الأسرة الواحدة، وبين الزوج والزوجة يتجلى الاحترام، بعد أن تعزز الحوار، ونلحظ ذلك التغيير في تعاملاتنا، لنشهد رقيا ملموسا بخطاباتنا في ما بيننا. فتجلى مفهوم احترام الرأي الآخر، وما نحتاجه اليوم هو لغة سهلة لحواراتنا سواء عبر وسائل الإعلام بكل أشكاله، أو فيما بيننا كأفراد داخل المجتمع، ولعل من أهم دعائم الحوار الناجح هو اختيار المفردات السهلة والبسيطة، من هنا أرى بمفهومي المتواضع أن على من يدير حوارا تلفزيونيا كان أو إذاعيا أن ينتقي مفردات بسيطة وسهلة لتصل قلب المتلقي دون أن تترك له مساحة للتأول، فيحدث الفهم الخاطئ، فيفشل الحوار ويسقط الطرح في مغبة التأويل ويبنى عليه كثير من الآراء سواء الإيجابية أو السلبية، لتنتقل التجربة من الدائرة الأكبر إلى الدائرة الأصغر، ليكون الخطاب في ما بين أفراد الأسرة الواحدة خطابا سهلا بسيطا واضحا لا يترك مجالا للاجتهاد، وعلى المتلقي أن يتحلى برحابة الصدر وسعة الأفق، وأن يتجنب الاندفاع، وليتجنب الظن السيء فسؤ الظن الآفة التي لا تريك في أخيك إلا كائنا متربصا بك. قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم). بذلك تكون مسؤولية الفهم الخاطئ والتأويل السلبي والذي كم تسبب في فرقة ونزاعات مناصفة بين المرسل والمتلقي، حمانا الله وإياكم من الكبر وسوء الظن. ياسر أحمد اليوبي