يوجد ثلاثة زعماء كبار أضاءوا التاريخ الحديث في القرن العشرين، هناك الزعيم الهندي غاندي بحواره مع الحكومة البريطانية لإيجاد مخرج من الاستعمار البريطاني. وفي أمريكا ظهر الزعيم مارتن لوثر كنج الذي أدت سياسته عن العصيان المدني بقيادته إضرابات عمت خطوط سكك الحديد وغيرها من المرافق، إلى تعديل الدستور الاجتماعي لحقوق الأفارقة في أمريكا. فيما يعتبر نيلسون مانديلا (البالغ من العمر 92 عاما) هو الأكثر صبرا وتحملا لتبعات النضال من أجل الحصول على الحقوق السياسية والاجتماعية للمواطنين الأصليين في جنوب أفريقيا.. كتاب أحاديث أو محادثات مع الذات هو ثمرة العزلة البناءة التي قضاها مانديلا في السجن لأكثر من ربع قرن من الزمان، منفصلا عن حياته الاجتماعية بتدابير الحكومة البيضاء التي كانت تدير الشأن الأفريقي إبان سياسة الأبارتهايد أو ما يعرف بالفصل العنصري.. كتب مقدمة الكتاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وقال من خلالها إن حياة مانديلا تتنافى مع العبث والاستسلام اللذين لا يزالان للأسف الشديد شائعين في عالمنا الى اليوم، وربما استشعر أوباما من خلال كتابته للمقدمة أن هناك تيارا من الإحساس بحقيقة النضال يجمعه مع الزعيم مانديلا.. كتاب رسائل مانديلا أو أحاديثه مع نفسه يتناول منعطفات سياسية وعاطفية ونقاط اعتقال أفضت به إلى سجن طويل، كتب مانديلا عن حبه الكبير لزوجته الثانية ويني، كما تناول حركة جوهانسبورغ في الخمسينيات الميلادية، وتقريبا نحو ثلاثة عقود قضاها وراء القضبان ومن ثم الأعوام الانتقالية، وصولا إلى سدة القرار بين العامين 1994 و1999 بعد خروج جنوب أفريقيا من نظام الفصل العنصري بعد استدامته نصف قرن من الزمان.. ويمكن النظر إلى الكتاب من ناحية كونه سيرة ذاتية لأشهر زعامات القرن العشرين في قارة أفريقيا، فقد أودع في الكتاب معاناته وإحساسه بالمرارة ابتعادا بعدم قدرته على مساعدة أطفاله وزوجته في ظروف صعبة مروا بها، إذ أودع الكتاب كل شجونه كما وصف احتقانه النفسي بالبعد عن زوجته وبطريقة حميمة، فالكتاب سجل ملحمي لبحثه عن ذاته من خلال الحوار.. وإلى جانب ذلك يروي مانديلا من خلال حواراته الذاتية المضايقات التي كانت تمارسها عليه سلطات الفصل العنصري.. وفي إحدى الرسائل المتوافرة بطي الكتاب ذات مرة هكذا كتب مانديلا عام 1970 إلى زوجته قائلا «أي زمن قاس نعيشه!، أشعر أن كل أعضاء جسمي غارقة في المرارة، إن عجزي التام عن مساعدتك في هذه الأوقات الرهيبة التي تمرين بها يجعلني حزينا جدا». وفي رسالة إلى صديق، يصف مانديلا أهمية الزيارات التي تكسر (الرتابة القاتلة)، «فالوجوه هي نفس الوجوه، والروائح هي نفسها تلك الروائح، وأما الجدران فهي ترتفع الى أعلى». Nelson Mandela Converstions with my self with a Foreward By Barack obama