فن الغناء الشعبي أحد الأعمدة الأساسية للدراسات الاجتماعية الحديثة، فهو يعطي مؤشر التغيرات الاجتماعية، ومستوى التأثر لأي مرحلة من مراحل التاريخ، وحركة عقل المجتمع، وروحه، بل لعله المؤشر الصادق الوحيد لترتيب المراحل في نمو المجتمع، والمؤشر لمراحل التحول والتغيير. بين آونة وأخرى يقدم لنا الزميل الفنان والكاتب عبد الرحمن الناصر شخصية فنية من تراثنا الموسيقي تعتبر أحد الإضافات المهمة لقراءة الفن الشعبي في الستينيات، ورموزه، ونجومه، في لفتة مهمة لمراجعة تاريخ البدايات الموسيقية في وسط المملكة، ولا شك أن الفن الموسيقي السعودي تقدم بخطوات واسعة اليوم عن تلك المرحلة، وتجاوز اجتهادات الفنانين الشعبيين أيام اسطوانة الأسفلت الصلب، وبدايات شريط الكاسيت، والتي انتهت إلى الأيام المجيدة لمسرح التلفزيون المفتوح وهو أبرز ما جمع عن تلك الأيام في مرحلة بداية الاستقرار والتنمية في المملكة منذ أواخر الخمسينيات الميلادية. كانت المرحلة ظاهرة فنية تجاوزت التقاليد، وقدمت أشياء نسيها الناس بعد عقد أو عقدين عندما انتشرت حمى فتوى تحريم الغناء والموسيقى ونبذه من حياة المجتمع في أواسط الثمانينيات، ونسي الناس فنانين من رواد الحركة الفنية في المنطقة الوسطى، مثل عراب تلك المرحلة عبد الله السلوم، الذي أعاده للواجهة الزميل المختص عبد الرحمن الناصر، وكان عبد الله السلوم العراب بمجموعة من الفنانين في تلك الفترة، ثم عبد العزيز الراشد، وأبو السعود الحمادي، وسعد إبراهيم، وعودة العودة، والقائمة تطول، وفهد بن سعيد، وبشير شنان، وحمد الطيار، وغيرهم كثير. الغريب أن هناك من يعرف هؤلاء الفنانين من شباب اليوم دون أن يروهم، أو يحضروا جلساتهم، ولكنهم عرفوهم من خلال أشرطة تراثية مثل أشرطة فهد بن سعيد، وحمد الطيار وبشير شنان، وسلامة العبد الله، وحجاب بن نحيت، وخلف العتيبي، والأخيران شاعران حاولا إيصال شعرهما بغناء أقل من «مموسق»، وكثير من الأسماء. يستحيل سرد تاريخ تلك الفترة من الانفجار الفني الذي بدأ قبل الستينيات الميلادية بقليل في وسط المملكة، لكني أعرف أن بعض الهواة يحتفظون بأشرطة كاسيت، واسطوانات قديمة يحرصون عليها. هذه الأجيال الجديدة (في العشرين وأقل) التي لم تعش ذلك التاريخ، ولا تعرف شيئا عن التاريخ المجيد لرواد الغناء الشعبي في نجد أيام اسطوانات الأسفلت، وبوادر شريط الكاسيت وهو تاريخ فني للبدايات ظهر منه فنانو اليوم ومهمة رصده وتدوينه بأي طريقة تبقى مهمة وطنية لتاريخ الثقافة الفطرية، والفنون، ومؤشرات التحول والتغيير الاجتماعي بعد تأسيس المملكة، ومرحلة الرخاء. قراءة هذا التاريخ، وتأمله في أدوات التقصي المنهجي من علم الاجتماع ستكشف الكثير من قابلية الانفتاح، والتأزم في حركة المجتمع، وأسباب النكوص في الثمانينيات، ونبذ الفنون التي هي عماد ثقافة المجتمع، وسوف تجيب عن أسئلة كثيرة. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 240 مسافة ثم الرسالة