كدت أن أطير من الفرح عندما قرأت في «عكاظ» خبر تدشين أمين جدة لجسر تقاطع طريق الأمير ماجد مع شارع حراء، معلنا فك الاختناقات التي تخنقني صباح كل يوم في طريقي إلى مدرسة زوجتي وأولادي منذ سفر سائقي «الله يذكره بالخير ويرجعه لي سالم غانم، وأزود له راتبه زي ما يبغى، وأعالجه في أحسن مستشفى، وإن بغى شريت له سيارة وزوجته ثانية على حسابي، وإلا أجيب له الأوله وعيالها وقشهم بس لا عاد يطري الإجازة ولا الهند في حياته، ولا كان قالت لي زوجتي: زميلاتي يقولون ليت زوجك اللي سافر أربعة شهور ولا السواق!!»، المهم طرت صبيحة ذلك اليوم إلى الجسر الحلم، وللأمانة حتى لا أبخس الأمانة حقها، كان الجسر بديعا ورائعا ومنفذا على مستوى عال جدا، وفك الاختناقات كما وعدونا، ولكن وعلى رأي زوجتي أيضا عندما تعبر لي دائما عن امتنانها لي: «حسنتك فيها ذبابة»، كتعبير عن شكرها المشوب بإحباطها من كسلي ونسيان نصف طلباتها. أما لماذا حطت الذبابة في حسنة الأمانة، فلأنني لم أصل إلى الجسر البديع إلا عبر «التطعيس والتنطيط والمطامر»، في كمية من الحفر تكفي لأن تهوي برأسك مكان قدميك وتصعد بركبتيك إلى مكان أذنيك!. كان طريق الخدمة قبل الجسر مباشرة على طريق حراء كارثة حقيقية، لا أعلم هل مر الأمين الدكتور هاني أبو راس بها، أم أنهم عبروا به عبر طريق آخر؟. حاولت البحث عن هذا الطريق الآخر إلا أن جميع الطرق من الاتجاهات الأربعة كانت جميعها رديئة، وإن كانت أخف وطأة من طريق الخدمة «إياه». كيف سمح لهم الأمين بافتتاح الجسر الجميل والطرق المؤدية إليه وهي بكل هذا السوء؟. هل كان من المعجز إنجاز الطرق المؤدية إلى المشروع الجديد، أم أن الميزانية لا تكفي؟. لماذا سمح للذبابة بأن تشوه حسنة «منجز» الأمانة؟. هل تعرفون ما معنى هذا؟. لا يوجد سوى جواب واحد على هذا السؤال وهو أن: فك اختناق تقاطع طريق الأمير ماجد مع شارع حراء، إنما هو مؤقت «ولا تطيرون من الفرح لو تطيرون وتوقعون قافلينه مرة ثانية قافلينه، الله لا يعوق بشر خانقينكم خانقينكم»، هذا إذا أخذت الأمانة بنا «الشفقة والرحمة والإنسانية على رأي ممادو»، وكانت الإصلاحات قريبة وسريعة، ولكن «مشوا بوزكم حامض»، فيبدو أن الأمانة لا تتعاقد إلا على المشاريع الحولية، شريطة أن تتضمن كراسة مواصفات مشاريعها دوران الحول مرتين وثلاثا وأربعا قبل أن يفكوا اختناقاتهم التي تطبق على أنفاسنا صباح مساء وعلى مدار العام. لماذا لا ننجز مشاريعنا دفعة واحدة؟. لماذا نصلح اليوم لنفسد غدا ما أصلحناه، ونصلحه بعد غد لنفسده بعده، ونظل ندور في هذه الحلقة المرهقة التي لا تنتهي؟!. الأمانة تلقي باللوم على الصرف الصحي في التسبب بالهبوطات والحفر الوعائية في شوارع جدة لتوحي لنا بأننا نعوم على بحيرة صرف صحي، لتقنعنا بأن تنفيذ مشاريعها لا تشوبه شائبة، والأسفلت أفضل أسفلت على وجه الأرض، والمقاولون الذين تتعاقد معهم الأكثر صدقا والتزاما في كل خلق الله، ولم يبق إلا أن تتهمنا بحفر الشوارع بسياقتنا «العفشة» وكفرات سياراتنا «المعفطة» وصبرنا الذي ينفد بسرعة، وتطالبنا بتعويضها عن حفر شوارعها وتأخير مقاوليها. يا أمانة جدة، نحن لا نطلب المستحيل، اخنقونا كما تشاءون وأخرونا كما تشاءون، ولكن اخنقونا لمرة واحدة فقط، صدقونا سنصبر ونحتسب، ولكن مرة واحدة تكفي و «الضرب في الميت حرااام»، وحتى لا تكون «حسنتكم فيها ذبابة» يكفينا بعوض حمى الضنك. [email protected] للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى الرقم 88548 الاتصالات أو الرقم 636250 موبايلي أو الرقم 737701 زين تبدأ بالرمز 176 مسافة ثم الرسالة