قبل 15 عاما، وتحديدا في موسم حج عام 1417 ه، انطلقت شرارة نار في أوساط خيام مشعر منى، فالتهمت ما حولها من خيام ليكون يوم التروية آنذاك يوم الحزن على ما خلفه الحريق من خسائر بشرية ومادية، وفي تلك الليلة قدح في فكر صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبد العزيز هم التطوير المرتكز على سبل الجودة والمتانة، فأطلق الحلول من جعبته الوزارية آنذاك «وزارة الأشغال العامة والإسكان» ليكون مشروع خيام متطورة ضد الحريق طوق النجاة في مدينة المليون خيمة. فتضمن المشروع تطوير نظرية أمنية ذات أربعة مستويات تضمن «استحالة حدوث حريق كبير في المستقبل». وتشتمل النظرية على إنشاء مخارج مياه لإطفاء الحريق على جوانب ومسار كل الطرق والشوارع كل 90 مترا بخراطيم بطول 120 مترا مما يسهل لرجال الإطفاء مهمتهم ويعفيهم من استعمال سيارات الإطفاء والأجهزة التابعة. كما تم كذلك تأمين صنبور حريق مزود بخرطوم للإطفاء داخل كل خيمة متصل بالمياه ليمكن استعماله من عامة الناس، وفوق ذلك تم إقامة شبكة إطفاء ذاتي بالرشاشات ذات الحساسية الحرارية داخل كل خيمة، وكذلك توفير طفايات حريق يدوية داخل كل خيمة لتسجل مدينة منى الواقعة بين جبلين عظيمين أكثر مناطق التجمعات السكانية كثافة في العالم وأكثرها كلفة، إذ بلغت كلفتها أكثر من 206 مليارات ريال (54.93 مليار دولار) وتم تنفيذ المشروع على مساحة 200 مليون متر مربع من مساحة منى بكلفة إجمالية بلغت أكثر من 206 مليارات ريال. وبهذا نجح الأمير متعب في القضاء على هم الحرائق في منى، لكن الأمير لم يهدأ كما يوضح وكيل الوزارة الدكتور حبيب زين العابدين، فما أن انتهى مشروع الخيام حتى التفت الأمير إلى مشروع الأضاحي وقرر أن يؤصل لمفهوم الإصحاح البيئي من خلال هذا المشروع الحضاري، فأطلق مشروع المملكة العربية السعودية للإفادة من الهدي والأضاحي، ولتقوم تلك المدينة شرق منى التي تعمل وفق أحدث التقنيات، ومع اختفاء تلك الظواهر السلبية للهدي والأضاحي تنامى عدد الحجاج عاما تلو الآخر وبات جسر الجمرات عنق زجاجة كل موسم. وهاجس كل مسؤول فجاء حادث التدافع في عام 1426 ه جرس الإنذار الأخير الذي لم يرض معه الأمير متعب سوى الدخول في تحد جديد، فكان مشروع منشأة الجمرات، الذي تجاوزت كلفته المادية أربعة مليارات ريال ليودع معه الحج التدافع لعقود قادمة، ومع هذا لم يسترخ الأمير متعب بل قرر الالتفات صوب هم آخر «النقل في المشاعر» فوضع اللبنات الأساسية لمشروع قطار المشاعر الذي أصبح واقعا بعد أن كان حلما. يقول الدكتور حبيب: ظل الأمير متعب يفكر ويقدر عاما بعد آخر في كل هذه المشاريع وكان دائما ما يهمس لي «كيف نخدم المشاعر المقدسة». ويواصل وكيل وزارة الشؤون البلدية والقروية حديثه ليؤكد أشبه اليوم بالبارحة، فهذا الأمير منصور بن متعب ينهج نهج والده ويقف على مشاريع المشاعر المقدسة، ففي رمضان الماضي وبعد صلاة الفجر كانت زيارته المفاجئة لنا في المشروع، كان يتفقد كل شيء بنفسه ويقف على صغائر الأمور قبل كبائرها، لأن المشروع له بعد استراتيجي مهم، وثاني أيام عيد الفطر المبارك وبينما الناس في فرح كان الأمير في زيارة أخرى مفاجئة للمشروع وقضى معنا ساعات طويلة في نقاش عنه، ومن المقرر أن يقف الأمير منصور بن متعب بن عبد العزيز وزير الشؤون البلدية والقروية على مشروع القطار يوم الثلاثاء المقبل لمعرفة آخر الترتيبات والتجهيزات. وخلص زين العابدين إلى القول إن الدولة دفعت فاتورة قاربت 300 مليار ريال خلال ال 15 سنة الماضية في تطوير وبناء المشاعر المقدسة.