تبذل قطاعات التعليم جهوداً حثيثة لإنشاء المباني التعليمية، انطلاقاً من كون المبنى الحديث أحد العوامل الرئيسة لإنجاح العملية التعليمية؛ إذ يوفر بيئة تربوية حقيقية، إن تم إعداده ليكون مبنى تعليمياً نموذجياً، لا ليكون منزلاً سكنياً! لقد أسهم التوسع الكمي للتعليم في زيادة مضطردة للمباني المستأجرة التي أصبحت تشكل ما نسبته 60 في المائة من إجمالي المباني المدرسية، كنتيجة منطقية لحرص وزارة المعارف (سابقا) التربية والتعليم (حالياً) على نشر التعليم ضمن أوسع نطاق، دون الانتظار لحين توفر المبنى المدرسي الحكومي، مما أسهم في تعطيل تشغيل عدد من المدارس التي لم تجد لها مباني مدرسية مناسبة، وبقيت مجرد أسماء على الورق، دون أن تكون واقعاً ملموساً. وقد أعدت وزارة التربية والتعليم خطة طموحة للتخلص تدريجياً من المباني المستأجرة، تستهدف رفع نسبة الحكومية ل 85 في وتضمنت ميزانيتها للعام الماضي اعتماد إنشاء (1420) مدرسة جديدة، نصفها للبنين، والنصف الآخر للبنات، إضافة إلى المدارس التي لا تزال تحت الإنشاء البالغ عددها (2260) مدرسة. كما أمر خادم الحرمين الشريفين حفظه الله بتخصيص جزء من فائض الميزانية لإنشاء (2500) مدرسة، في ظل سعي بعض إدارات التربية والتعليم لاستئجار عدد من المباني للعام الدراسي المقبل! وهو ما يتعارض مع خطة الوزارة للاستغناء عن المباني المستأجرة التي لا تتوفر بها أدنى المواصفات الفنية والتعليمية. ويؤكد خبراء اقتصاديات التعليم (Economics Of Education ) أهمية توفير المبنى المدرسي الحكومي وتجهيزه قبل الشروع في إجراءات تعيين المعلمين والمعلمات، والأطقم الإدارية، وقبول الطلبة، وتشغيل المباني الحكومية القائمة طوال اليوم الدراسي، وذلك بتخصيص بدايته لطلاب المرحلة الابتدائية، ومنتصفه للمرحلة المتوسطة، ونهايته للمرحلة الثانوية، وتقليل الهدر التربوي (Educational Wastage) وتوفير مبالغ طائلة تصرف سنوياً لإيجارات المباني. وفي السياق نفسه، ومواكبة للحراك المستمر في مجال التعليم العالي؛ واجهت الجامعات الجديدة معضلة الحصول على مبان ملائمة، اضطرها لاستئجار عدد منها لتتمكن من البدء في أنشطتها وبرامجها الإدارية والأكاديمية. وقد وقعت وزارة التعليم العالي عقوداً بمليارات الريالات لإنشاء وتجهيز المدن الجامعية الجديدة، وتحسين البنية التحتية للكليات والجامعات القائمة، وهي مشاريع عملاقة قد تستغرق سنوات لإنجازها، مما يفرض الاستفادة من أساليب التعليم الإلكتروني والتعلم عن بعد، وتفعيل استراتيجيات التدريس الحديثة التي لا تتطلب وجود قاعات دراسية تقليدية، قد لا تتوفر في المباني المستأجرة. إن البدايات تتطلب مبادرات شجاعة تفرضها ظروف معينة، إلا إن ذلك قد لا يتواكب مع ما نشهده من تطوير لأشكال وأغراض المباني التعليمية التي يمكن توظيفها لاحتضان مختلف أنشطة المجتمع، بدلاً من الاكتفاء بتشغيلها لساعات محدودة. *جامعة الملك سعود كلية التربية [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 272 مسافة ثم الرسالة