عزيزي الكاتب .. هل تصدق أن الجحيم والعذاب والألم الحقيقي، كانوا في تلك التربية التي تلقيتها من والدي؟. أمي كانت أحيانا تعترض، أو تحتج، وفي الغالب تنظر من بعيد وكأن الأمر لا يعنيها أو أنها تراني أعيد حياتها من جديد بنفس التفاصيل، أو ربما كانت تعتقد أن منهج أبي هو الأسلم لي. والدي كان يعاملني دوما وكأني عدو له يهدد شرفه، كان يخاف مني أكثر من خوفه علي، ولم يكترث لمشاعري إن تبعثرت أو انكسرت، بقدر ما كان يهمه ويخشاه، عرضه أن يلوكه الناس أو ينكسر أبي، هكذا كان يقول. مرة بالصراخ والغضب، ومرات بالترهيب والضرب والشتائم التي من فرط تكرارها بت أحفظها عن ظهر قلب. كان يردد دائما: أنت ابنة فلان، وعمك فلان، وخالك ضابط، إن فعلت شيئا ستنكسين رؤوسنا، وستجعلين أعداءنا يلوكون سيرتنا في أفواههم، وسوف يضحك الناس على شرفنا الذي أهدرته. وكانت أمي تؤكد لي: المرأة هزيمة، والرجل لا يعيبه شيء مهما فعل، بل إن إثبات رجولته مرتبط بأن يفعل. المرأة تهزم الجميع إن أحبت، والرجل يزداد انتصاره بعدد مغامرته. لا أعرف كم من المرات كللني أبي بالشتائم إن طلبت زيارة صديقتي، وكانت القوانين أن تزورني فقط، وكان يتدخل في تحديد من الصديقة التي تصلح لي. صديقتي الأولى كانت ليست أهلا للصداقة كما قال أبي، حاولت أن أستفهم منه سر موقفه العدائي منها، فأكد بأن والدتها امرأة لا تؤتمن، ففضلا عن امتهانها للطب، فهي بلا حياء تختلط في المستشفى مع المرضى الرجال. وكان لزما علي أن أقتنع بمبرراته، وأن أتنصل من علاقتي بها، وإلا سيتكفل بالأمر ويطردها. صديقتي الأخرى عيبها الكبير في نظر والدي يتعلق أيضا بوالدتها، فأمها تنكرت لوالدها، وقد قال في معرض حديثه «أمها طلبت الطلاق من زوجها لأنه فقد عقله بسبب المخدرات ولم تعطف عليه، وتركته يتسول ويجوب الشوارع، وينام في زوايا خربة مع الحشرات والكلاب الضالة»، يستدرك أبي قائلا: «إنها امرأة ملعونة». وكان يسألني كثيرا عن ابنة الرجل الفاضل وأمها التي لم تخرج من بيت والدها منذ أن تزوجت، ولماذا لا أقوي علاقتي بها؟. وكنت لا أستطيع الحديث معه عن رفضي لها بسبب تصرفاتها التي لا يعلمها، لأنه سيتخذ منها ذريعة وسيؤكد: إن هذه الفتاة ورغم أسرتها الطيبة هي ملعونة، فكيف بصديقتي التي قال عن أمها «إن الملائكة تلعنها». هذه بعض التفاصيل القليلة التي شكلت حياتي، ومازال الجميع يرصدني باستمرار، فيما أخي يتمتع كل عام بالسفر للشرق والغرب عل هذه الرحلات تغير نفسيته وينجح بالدراسة. التوقيع: طالبة جامعية [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة