دعا مفتي مصر الدكتور علي جمعة إلى وقف الفتاوى الشاذة التي ساهمت الفضائيات في شيوعها، لأنها قدمت الإثارة على الإنارة بهدف جمع الأموال، مضيفا «هناك خطوات يجب مراعاتها عند إصدار الفتاوى، فهي الجسر الذي يربط تراثنا الفقهي وعالمنا المعاصر والنظري والتطبيقي، وإصدار الفتاوى يتطلب أبعادا أخرى غير المعرفة بالفقه الإسلامي، وهي أن يكون المفتي على دراية تامة بالعالم الذي يعيش فيه، والمشكلات التي تواجه مجتمعه. والسبب في ما نراه حاليا من آراء غير سديدة هو افتقار بعض من يتصدر الفتوى إلى تلك الأبعاد المهمة»، مبينا «لدينا مليون و200 ف رع فقهي نحفظ منها القواعد والضوابط التي نستطيع بها استخراج الأحكام الشرعية وترتيبها بطريقة معينة داخل العقل»، مؤكدا أن هناك خمس مراتب للإسلام لطلب العلم، هي؛ التحقيق، التدقيق، الترقيق، التنميق، والتزويق، داعيا المسلمين للأخذ بأسباب التقدم والاهتمام بالعلم، واعطائه أهميته الكبيرة التى حددها له الدين. وأوضح جمعة أن الإسلام ليس دينا جامدا يفتقر إلى المرونة، مشيرا إلى أن المرونة جزء من التراث الإسلامي وتشكل إحدى السمات المميزة للشريعة الإسلامية التي تقوم على المنهجية ومجموعة من الآراء الفقهية لفقهاء المسلمين على مدار 1400 عام، مبينا «ظهرت في تلك السنوات 90 مدرسة فقهية، ونجد أنفسنا في القرن ال21 نعود إلى هذه الثروة الغنية من الآراء لنستخرج منها الأحكام التي تناسب عصرنا»، ومؤكدا أن مرونة الفقه الإسلامي تزود الناس بما يحتاجون من إرشادات، وفي الوقت ذاته يظل هو الإسلام الحق بما له من أصول وقواعد، داعيا الفقهاء والمفتين لتقديم حلول للمشكلات التي تواجه العالمين الإسلامي والغربي على السواء. ومن ناحية أخرى، طالب جمعة بالجمع بين المحافظة على الأعمال الصالحة التي كان المسلم يفعلها في رمضان، والاستمرار في الفرح والسرور بشكل ظاهري، مثل ما كان يفعله في العيد في سلوك إيماني قويم ملتزم بأداء كل واجب ومندوب، مبنيا أن توديع رمضان بإتمام فريضة الصيام، وإكمال سنة القيام، والاجتهاد في تلاوة القرآن، وقطع مسافات في رحلة التزود بقوة الروح، وصحوة الضمير، وعافية البدن، وتطهير النفس، لنسمو إلى مراتب الخير والمحبة والتعاون والتسامح، مبينا أن «الطاعات أحد مظاهر الشكر لله تعالى التي يجب الحرص عليها، ولا يكون الشكر إلا بأداء العبادة والتزام طاعته تعالى، ولا يكون باللسان فقط وإنما بامتثال أوامره واجتناب نواهيه». وقال جمعة «هذه الروح التي صنعها رمضان في المتعرضين لنفحاته، لا بد أن تترجم في مواصلة أعمال البر والخيرات، وصلة الأرحام، وتقديم العون للمحتاجين، وزرع الطمأنينة والسكينة والفرحة، في كل مكان، وفي كل إنسان، حتى تنعم البشرية بمظاهر السرور والبهجة، ولتتأكد الأوطان والمجتمعات الإسلامية عطاءات السلوك الإسلامي الحضاري، والخلق الإنساني المستقيم». وأكد جمعة أن على المسلمين التفكير مليا في الأولويات والاحتياجات الأساسية للأمة الإسلامية، وخوض الجهاد الأكبر المتصل بجهاد النفس والبناء والتنمية الشاملة لإعمار الحياة، وتحقيق النهضة الحضارية، وإنجاز المزيد من الإصلاحات المجتمعية الشاملة للنهوض بالشعوب، وخدمة المصالح العليا للدين والأوطان. وتطرق جمعة إلى ما يفعله الإرهابيون من ترويع الأبرياء، موضحا «هؤلاء يريدون أن يعبدوا الله تعالى كما يريدون، لا كما يريد رب البرية، ولا كما أمرهم»، مشيرا إلى أنهم نصبوا أنفسهم حسب رؤية خاطئة أوصياء على العباد.