تعتبر المطارات في جميع دول العالم واجهة مشرقة للبلاد، ولكن ما يحدث في مدينة الحجاج في مطار الملك عبدالعزيز في جدة يثير أكثر من تساؤل وعلامة تعجب واستفهام. فتكدس أعداد كبيرة من المعتمرين ونومهم على أرضية الساحات في المطار في الجو الصيفي والرطب الحار وتحت لهيب الشمس الحارقة بسبب تأخر رحلاتهم رغم أن حجوزات الغالبية العظمى منهم مؤكدة، يترتب عليه انعكاسات غير صحية على المعتمرين. وبصفتي طبيبا وبمشاركة جميع أعضاء المركز الصحي في المطار نبذل يوميا على مدار الساعة جهودا كبيرة في علاج وإنقاذ المعتمرين، خصوصا الأطفال والنساء وكبار السن الذين يعانون من أمراض الشيخوخة والأمراض المزمنة مثل أمراض القلب والضغط والسكري، مع الإشارة إلى أن معظم المرضى قد انتهت أدويتهم بسبب تأخر رحلاتهم وانتظارهم لأيام على أرض المطار، ولم يتم نقلهم إلى أقرب فندق لحين موعد رحلاتهم المتأخرة، كما أن العربات التي تنقل الحقائب قليلة وغير كافية لمواجهة ضغط المعتمرين، وهو ما دعا الكثير من المعتمرين إلى حمل حقائبهم بأيديهم مع قلة أعداد عمال النظافة. كما أشير إلى أن الساحات الخارجية لمبنى الحجاج أصبحت غير نظيفة، ومرتعا لانتشار الأوبئة والأمراض، وهو ما يهدد سلامة صحة المعتمرين والعاملين في المطار. كل ما أشرت إليه يشكل صورا مؤلمة ومأساة في مطار الملك عبدالعزيز، واتمنى متواضعا أن تكون هناك آلية عمل في المستقبل لمواجهة مثل هذه الأمور الطارئة، من خلال إنشاء صالات واسعة مكيفة لانتظار المعتمرين الذين تتأخر رحلاتهم وتقديم المشروبات والوجبات الغذائية، ونقلهم إلى أقرب فندق في حال تأخر رحلاتهم لمدة طويلة، وتوفير أعداد كبيرة من عمال النظافة في حالة الطوارئ، وزيادة عربات الحقائب، وإلزام شركات الطيران بعدم التأخر عن مواعيدها. وأخيرا .. لست هنا في موضع توجيه أية اتهامات عن المسؤول عن هذا الخلل، ولكن رؤيتي لهذه الأحداث على أرض الواقع يحتم علي كمواطن أن أنقل هذه الصورة حتى لايتكرر مثل هذا المشهد المؤسف، ولا بد أن نعترف بوجود الأخطاء والقصور ومعالجتها بالشكل الجذري، فخدمة المعتمرين شرف كبير لنا وقد خصنا الله بذلك، وأن تكون مطاراتنا واجهة مشرقة أمام ضيوف الرحمن من الحجاج والمعتمرين، خصوصا أن الدولة وفرت جميع الإمكانيات الهائلة والطاقات الجبارة.. والله من وراء القصد. * طبيب مشرف في مبنى الحجاج في مطار الملك عبدالعزيز في جدة.