من المفاهيم الإدارية المخطئة التي تستخدم ويعتد بها مفهوم الخبرة. فكثيرا ما يطلق على الموظف الفلاني بأنه ذو خبرة .. كونه أمضى في العمل عشرين عاما ونيف. وآخر أكثر خبرة قياسا على خدمته في العمل التي تجاوزت الثلاثين عاما، وثالث نصمه بأنه (تنقصه الخبرة) لأنه لم يكمل بعد خمس السنوات. وهكذا حتى أصبح ذلك المفهوم عرفا إداريا في منظومات العمل. إلى هنا قد يكون الأمر هينا طالما أنه لم يتعد السياق النظري. لكن أن يكون ذلك معيارا يعمل بمقتضاه لتقييم الموظفين وأحد أهم مسوغات المفاضلة في الترقيات والتعيينات .. واستطرادا لتسنم المناصب .. فهذا ما يجب الوقوف عنده مليا .. فمن قال إن الخبرة تقاس بالتقادم وتعاقب الأعوام ؟ وحتى لو سلمنا جدلا بذلك فكيف يمكننا أن نحسبها بدقة وموضوعية .. فمثلا لو جئنا باثنين من الموظفين أحدهما «أمضى في العمل عشر سنوات والآخر سبع سنوات، وعلمنا أن الأول كان كثير الغياب والتأخر .. والثاني من النادر أن يتغيب أو يتأخر .. واستنادا على هذه الخلفية، أيهما يعتبر أكثر خبرة من الآخر حسب المعيار الزمني ؟ بالطبع يستعصي حساب ذلك وهذا يوضح بجلاء صعوبة بل إن شئنا عدم جدوى اتخاذ العامل الزمني معيارا ومحكا لتقييم الخبرات، خصوصا إذا علمنا أن الخبرة بمعناها الموضوعي والعريض تعني تعلم واكتساب المعارف العملية والمعلوماتية فضلا عن تطوير الذات وتنمية القدرات من خلال الجد والتفاني والإخلاص بالعمل وبالمحصلة تعني زيادة الإنتاجية. وبهذا المعنى يصبح من غير المفهوم بل من غير المنصف أن يفاضل بين الموظفين حسب الأقدمية دون التعرف على الإنتاجية وكفاءة كل منهم وفق هذا المعطى. فكأننا بذلك المنحى السالف نكرس اللامبالاة والتقاعس بين العاملين طالما لا جدوى من الاستفادة والإفادة من أوقات العمل، فتصبح فترة الدوام تحصيل حاصل.. دع عنك أن هناك فئة من الموظفين يتفننون في إهدار وتبديد أوقات العمل. فهم فضلا عن كثرة غيابهم وتأخرهم لا يتورعون ممعنون في إضاعة ما تبقى من الوقت في قراءة الصحف (والسواليف) إلخ.. لكن عندما يكون المعيار الحقيقي للخبرة هو كم الإنتاجية والعطاء وبمقتضاه تتم المفاضلة .. فإنه من المؤكد سيصبح للوقت قيمة ويوظف كما ينبغي. عندئذ نكون قد فتحنا المجال واسعا لظهور المزيد من الكفاءات وذوي الخبرات (الحقيقية). وقبل هذا وبعده تجنبنا الوقوع في إجحاف التفاضل، وبكلمة أخرى ترجيح الغث على السمين من حيث لا ندري وتداعيات ذلك التي لا نحسب أنها تخفى على أحد. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 229 مسافة ثم الرسالة