في أيامنا هذه، أتيح لقلة من النساء في بلادنا تولي مناصب قيادية، فأخذن يدرنها بأسلوب يبدو مخالفا لأسلوب الرجل في القيادة، وهو الأسلوب التقليدي في القيادة الذي عرفه الناس وألفوه واعتادوا عليه زمنا طويلا، فوصم بعضهم قيادة المرأة بالفشل وعدوها خالية من الجودة ونموذجا للضعف والعجز ونسبوا ذلك إلى (طبيعتها) التي يرونها قاصرة عن طبيعة الرجل. ويغيب عن الأذهان أن المرأة لها أسلوب مختلف عن أسلوب الرجل، وذلك بحكم الاختلاف في النوع وما يفرضه من تباين بين الاثنين، وهذا الاختلاف لا يعني بالضرورة أن أسلوب المرأة في القيادة أفضل أو أسوأ، إنما هو مجرد اختلاف وكفى، فالمرأة في الإدارة تظل مثل الرجل تنجح حينا وتفشل حينا، لكن الذين يراقبون العمل يأبون إلا أن يحكموا على إدارة المرأة من خلال تأثرهم بأسلوب الإدارة الذكوري ومتى رأوا المرأة لا تطبقه عدوا ذلك فشلا منها. سالي هيلقسن، باحثة في الإدارة، تقول في كتابها (مزايا الإناث: أساليب النساء في القيادة) إنها درست عبر ملاحظة مباشرة أساليب التنظيم والاستراتيجيات التي تتبعها أربع من القائدات الناجحات، هن: (المديرة التنفيذية القومية لجماعة الأشبال الإناث) و(رئيسة شركة المتعهدين الصناعيين الغربيين) و(مديرة مركز التطوير الرئيسي لشركة فورد) و(رئيسة شركة الاتصالات برونسون) وأنها وضعت سجلا تاريخيا لمقابلاتها معهن وتابعت خلال ذلك عملهن عن قرب لترى كيف ينجزن المهمات، فاستمعت إلى مكالمتهن الهاتفية، واطلعت على مراسلاتهن، وحضرت اجتماعاتهن، واستطاعت من خلال هذه المعلومات الأولية غير المسبوقة أن تكتب سجلا يوميا ترصد فيه كيف تتخذ النساء القرارات وكيف يضعن البرنامج اليومي لعملهن وكيف يحصلن على المعلومات وكيف يوزعن المعلومات وكيف يدعمن شركاتهن، وكيف يوظفن أو يفصلن، وكذلك كيف تؤثر علاقاتهن الاجتماعية وحياتهن الأسرية على أسلوبهن في القيادة. وهيلقسن تقول إنها وجدت أن قيادة المرأة تميل لجعل مكان العمل شبكة من الشمول، حيث التشارك في المعلومات هو مفتاح العمل، وفي بعض الحالات قد تختفي قاعدة التراتبية الطبقية، بعكس قيادة الرجل التي تميل إلى التشبت بالجوانب النظرية. وقد حددت هيلقسن بعض المبادئ الأنثوية في القيادة التي بدت لها ظاهرة في عمل النساء مثل: الاهتمام والحرص، اتخاذ قرارات بدهية، عدم التقيد بالتراتبية ولا بالأفكار الإدارية النظرية (المملة) مثل تلك التي تدرس في كليات الإدارة، والتعامل مع العمل كجزء من الحياة وليس منفصلا عنها. ومن يقرأ الكتاب يستطيع أن يتبين كيف أن الاختلاف في بعض المبادئ القيادية بين النساء والرجال يعكس افتراضاتنا الثقافية الأساسية حول الاختلاف بين الجنسين في طريقة التفكير والتصرف، فكثير من الناس يعتقدون أن النساء أكثر حرصا وأنهن يتصرفن بالبديهة؛ أي أنهن أفضل من الرجال في رؤية الجانب الإنساني، وأسرع منهم في قطع التمييز التراتبي والتسلسل الطبقي، كما أنهن غير صبورات على البروتوكولات المملة، ورغم أن هذه المتعقدات حول سلوك النساء والرجل كلها (ظنية) وليست موثقة، إلا أن الناس يعملون على دعمها ويجتهدون في أن يسوقوا بين يديها حكايات وأمثلة وحججا تهدف إلى ترسيخها. فاكس 4555382-01 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة