"وفد سعودي" لتعزيز التعاون الاقتصادي في طاجيكستان    "بلاغات الأدوية" تتجاوز 32 ألفًا في شهر واحد    «فيفا» يعلن حصول ملف استضافة السعودية لكأس العالم 2034 على أعلى تقييم في التاريخ    سكري القصيم «عقدة» رائد التحدي    استهداف 34 ألف لاعب تتراوح أعمارهم بين 6 إلى 9 سنوات    أستراليا تحظر «السوشال ميديا» على الأطفال    نائب رئيس مجلس الإفتاء السويدي: المملكة ناصرة للدين الإسلامي    بحضور وزير الرياضة.. انطلاق منافسات سباق "سال جدة جي تي 2024"    «الإيدز» يبعد 100 مقيم ووافد من الكويت    معرض "أنا عربية" يفتتح أبوابه لاستقبال الجمهور في منطقة "فيا رياض"    باكستان تقدم لزوار معرض "بَنان" أشهر المنتجات الحرفية المصنعة على أيدي نساء القرى    مطارات الدمام تدشن مطارنا أخضر مع مسافريها بإستخدام الذكاء الاصطناعي    انطلاق فعاليات معرض وزارة الداخلية التوعوي لتعزيز السلامة المرورية    ديوانية الأطباء في اللقاء ال89 عن شبكية العين    الأهلي يتغلب على الوحدة بهدف محرز في دوري روشن للمحترفين    ندى الغامدي تتوج بجائزة الأمير سعود بن نهار آل سعود    أمير منطقة تبوك يستقبل رئيس واعضاء مجلس ادارة جمعية التوحد بالمنطقة    مدني الزلفي ينفذ التمرين الفرضي ل كارثة سيول بحي العزيزية    مدني أبها يخمد حريقًا في غرفة خارجية نتيجة وميض لحظي    الحملة الشعبية لإغاثة الفلسطينيين تصل 702,165,745 ريالًا    البنك المركزي الروسي: لا حاجة لإجراءات طارئة لدعم قيمة الروبل    الجبلين يتعادل مع الحزم إيجابياً في دوري يلو    "أخضر السيدات" يخسر وديته أمام نظيره الفلسطيني    حرمان قاصر وجه إهانات عنصرية إلى فينيسيوس من دخول الملاعب لمدة عام    «سلمان للإغاثة» يختتم المشروع الطبي التطوعي للجراحات المتخصصة والجراحة العامة للأطفال في سقطرى    6 مراحل تاريخية مهمة أسست ل«قطار الرياض».. تعرف عليها    المملكة تفوز بعضوية الهيئة الاستشارية الدولية المعنية بمرونة الكابلات البحرية    نعيم قاسم: حققنا «نصراً إلهياً» أكبر من انتصارنا في 2006    "مكافحة المخدرات" تضبط أكثر من (2.4) مليون قرص من مادة الإمفيتامين المخدر بمنطقة الرياض    الجيش السوري يستعيد السيطرة على مواقع بريفي حلب وإدلب    خطيب المسجد النبوي: السجود ملجأ إلى الله وعلاج للقلوب وتفريج للهموم    السعودية تتسلّم مواطنًا مطلوبًا دوليًا في قضايا فساد مالي وإداري من روسيا الاتحادية    والد الأديب سهم الدعجاني في ذمة الله    «الأونروا»: أعنف قصف على غزة منذ الحرب العالمية الثانية    الشؤون الإسلامية تطلق الدورة التأهلية لمنسوبي المساجد    خطيب المسجد الحرام: أعظمِ أعمالِ البِرِّ أن يترُكَ العبدُ خلفَه ذُرّيَّة صالحة مباركة    وكيل إمارة جازان للشؤون الأمنية يفتتح البرنامج الدعوي "المخدرات عدو التنمية"    تقدمهم عدد من الأمراء ونوابهم.. المصلون يؤدون صلاة الاستسقاء بالمناطق كافة    طبيب يواجه السجن 582 عاماً    التشكيلي الخزمري: وصلت لما أصبو إليه وأتعمد الرمزية لتعميق الفكرة    الملحم يعيد المعارك الأدبية بمهاجمة «حياة القصيبي في الإدارة»    انطباع نقدي لقصيدة «بعد حيِّي» للشاعرة منى البدراني    عبدالرحمن الربيعي.. الإتقان والأمانة    ذوو الاحتياجات الخاصة    فصل التوائم.. البداية والمسيرة    "راديو مدل بيست" توسع نطاق بثها وتصل إلى أبها    بالله نحسدك على ايش؟!    حملة توعوية بجدة عن التهاب المفاصل الفقارية المحوري    أمير تبوك يستقبل المواطن مطير الضيوفي الذي تنازل عن قاتل ابنه    وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الدورة ال 162 للمجلس الوزاري التحضيري للمجلس الأعلى الخليجي    إنسانية عبدالعزيز بن سلمان    أمير حائل يعقد لقاءً مع قافلة شباب الغد    أكدت رفضها القاطع للإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين.. السعودية تدعو لحظر جميع أسلحة الدمار الشامل    محمد بن عبدالرحمن يشرّف حفل سفارة عُمان    رئيس مجلس الشيوخ في باكستان يصل المدينة المنورة    أمير تبوك يقف على المراحل النهائية لمشروع مبنى مجلس المنطقة    هيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية ترصد ممارسات صيد جائر بالمحمية    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبرة صلح الحديبية.. ومسجد نيويورك
نشر في عكاظ يوم 01 - 09 - 2010

في شوال من العام السادس للهجرة عقد المسلمون ومشركو مكة اتفاقية لوقف الأعمال الحربية بين الطرفين لمدة عشر سنوات وسميت الاتفاقية «بصلح الحديبية»، وهو إجراء لم يكن مألوفا لدى العرب الذين قاتلوا بعضهم حوالي أربعين سنة بسبب تعثر دابة في سباق «حرب داحس والغبراء» وأربعين سنة أخرى لأجل دابة أخرى «حرب البسوس» ولهذا روت الأحاديث كيف أنه صعب على كثير من المسلمين تقبل الصلح وكانوا يؤثرون المواجهة المسلحة وتحقيق الانتصارات الحربية المدوية فنزلت سورة الفتح بقوله تعالى (إنا فتحنا لك فتحا مبينا) واصفا ذلك الصلح بالفتح المبين، وهو أمر أشكل على المسلمين في البداية فهمه، فكيف يكون في معاهدة لا تعطي المسلمين أي انتصارات حربية فتحا؟! لكن لاحقا أدرك المسلمون كيف كان فتحا مبينا وذلك بعد أن دخل في الإسلام خلال فترة استمرار المعاهدة لمدة سنتين عدد أكبر من عدد الذين دخلوا في الإسلام طوال تاريخه قبلها لحوالي عشرين سنة، لأنه في فترة هدنة الصلح والعلاقات غير المتوترة اختلط المشركون بالمسلمين بشكل خال من توترات العدوانية التي كانت تشكل حاجزا نفسيا لديهم ضد الإسلام فأعجبوا بحقيقة الإسلام ودخلوا فيه، وعبرة أخرى في الصلح كانت لما أملى النبي عليه السلام على علي بن أبي طالب كتابة شروط المعاهدة وقال له أكتب: بسم الله الرحمن الرحيم. فقال سهيل «من طرف المشركين»: لا أعرف هذا، ولكن أكتب: باسمك اللهم. فقال الرسول: أكتب باسمك اللهم. فكتبها، ثم قال: أكتب: هذا ما صالح عليه محمد رسول الله سهيل بن عمرو. فقال سهيل: لو شهدت أنك رسول الله لم أقاتلك، ولكن أكتب اسمك واسم أبيك. فقال الرسول: أكتب. هذا ما صالح عليه محمد بن عبدالله، سهيل بن عمرو. فرفض علي أن يمحو تسمية «رسول الله»، فمحاها الرسول بنفسه». والعبرة هنا هي في استيعاب أن النصر المبين ليس بالتصلب المدوي في المواقف لأجل مكاسب الكبرياء المبدئي إنما هي فيما يؤدي للمكاسب الجوهرية البعيدة المدى، وللأسف يبدو أن هذا الدرس لم يستوعبه كثير من المسلمين ولم يبنوا عليه أنماط جماعية في التعامل تورثهم «فتوحات مبينة»، فللأسف نرى في العصر الحالي أن الصوت الذي يبرز باسم الإسلام في كثير من الأحيان يأخذ بمثال مقولة «مبروك نجحت العملية.. ولكن مات المريض» أو «مبروك ربحنا جولة المعركة..لكن خسرنا الحرب» فهناك سيادة لنمط السلوك الانفعالي الذي لا يأخذ العواقب باعتباره ولا يقيم ثمار أفعاله في إطار الصورة الأكبر للواقع، والمهم عنده فقط أن يحقق الجزئية التي تمثل تصوره وحسب، كما هو الحال مع العمليات الإرهابية، وللأسف كما هو الحال أيضا في قضية بناء مركز إسلامي ومسجد في نيويورك على مقربة من منطقة الحدث الإرهابي الأشهر في تاريخ أمريكا الذي قام به مسلمون والذي شعر غالبية الأمريكيين أن بناءه هو عمل استفزازي لمشاعرهم، وبغض النظر عن كل الاعتبارات المبدئية المثالية، لكن طالما إنشاؤه يثير مثل ردة الفعل السلبية العارمة التي أثارها فالأوجه كان تغيير مكانه، فالإنسان المؤمن لا يهتم بتحقيق مكاسب لكبرياء الأنا وإنما يهتم بتحقيق مكاسب لصالح ما هو الأجدى لدعوة الناس لله تعالى وخدمة المصالح الواقعية للمسلمين، وذلك المركز بموقعه المستفز لغالبية الشعب الأمريكي حسب ما بينت ذلك استطلاعات الرأي تحول لذخيرة للهجوم على الإسلام والمسلمين وتصويرهم على أنهم أنانيون قساة جفاة ليس لديهم حساسية تجاه مشاعر أسر الضحايا وهذا أضر بمصالح الجالية الإسلامية في أمريكا وبتسامح كثير من الأمريكيين مع الإسلام، فقامت مظاهرات منددة به وصار الخبر الرئيسي في الإعلام الأمريكي الذي تناوله بشكل سلبي ووصل الأمر لدرجة دعوة إحدى الكنائس لحرق القرآن وارتفعت العدوانية ضد المسلمين في أمريكا، بل إن وقوف الشخصيات الرسمية الأمريكية إلى جانب إنشاء المركز في ذلك المكان كالرئيس الأمريكي تحول لذخيرة لأعدائهم اليمينيين المتطرفين ضدهم وضد المسلمين، ولعله لو أبدى المسؤولون عن مشروع المركز مرونة أكبر في التجاوب مع معطيات الواقع هذه وتعاطفا مع المشاعر العامة للمجتمع الذي يعيشون فيه لكان مركزهم تحول لنقطة جذب وتعاطف متبادل من قبل غير المسلمين، والمشكلة أكبر من حيثيات إنشاء هذا المركز، فالمعضلة هي في قوالب التفكير النمطي المقولب المستغرق في الاهتمام بمكاسب كبرياء الأنا الذي يسود لدى الكثير من المسلمين والذي يبدو معزولا عن التفاعل الواعي الموضوعي الحكيم المرن مع الواقع بالشكل الذي يعود عليهم بالمكاسب الجوهرية بدل أن يعود عليهم بالخسائر الكلية، ويخلق حولهم هالة جذابة بدل هالة التوتر العدواني التي وللأسف باتت تحوم حول المجتمعات الإسلامية حيثما وجدت وتسوغ المزيد من الاضطهاد للإسلام والمسلمين عالميا.
[email protected]

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.