تعيش المنطقة والعالم حالة تتأرجح بين التفاؤل والتشاؤم مع حلول انطلاقة المفاوضات المباشرة، إذ بدأت إرهاصات المشهد بوصول الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمس إلى واشنطن تلبية لدعوة من الإدارة الأمريكية للإعلان عن إطلاق محادثات تجمع على نحو غير موارب الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. وأفصح المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة بعد وصول عباس والوفد المرافق له إلى واشنطن عبر الهاتف: «نحن جاهزون لمفاوضات جادة وحقيقية تؤدي إلى إنهاء الاحتلال ومرجعيتها بيان الرباعية والشرعية الدولية.» ويضم الوفد الفلسطيني إضافة إلى عباس أعضاء من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واللجنة المركزية لحركة فتح. ويسبق الاجتماع الثلاثي المقرر عقده غدا للإعلان عن انطلاق المفاوضات المباشرة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي برعاية أمريكية اجتماع يشارك فيه الرئيسان الأمريكي باراك أوباما والمصري حسني مبارك والملك عبدالله عاهل الأردن. كما وصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن أمس لإجراء محادثات سلام مع الفلسطينيين دون أن يحسم قضية البناء في المستوطنات اليهودية مستقبلا حين ينتهي التجميد الجزئي. ويهدد الفلسطينيون بالانسحاب من المفاوضات المباشرة المقرر أن تبدأ غدا إن لم تمدد إسرائيل وقفا لبناء المساكن الجديدة في مستوطنات الضفة الغربية بعد انقضائه في 26 سبتمبر ( أيلول). ولم يبد نتنياهو الذي يرأس حكومة تهيمن عليها الأحزاب المناصرة للمستوطنين أية علامة على أنه سيواصل الحد من إنشاء المنازل لليهود في الضفة الغربيةالمحتلة لكنه أبلغ حزبه ليكود أن التوصل لاتفاق سلام أمر ممكن. وقال أمس الأول: «لست ساذجا، أرى جميع الصعوبات والعراقيل وبرغم ذلك أعتقد أن اتفاق سلام نهائيا هدف يمكن الوصول إليه. بالطبع لا يعتمد هذا علينا فحسب.» وأضاف أنه يأمل أن يجد في الرئيس الفلسطيني محمود عباس شريكا شجاعا. وأوضح أبو ردينة أن الفلسطينيين يريدون أن تتخذ المحادثات بيان الرباعية مرجعية لها بينما قال جورج ميتشل المبعوث الأمريكي في الشرق الأوسط أن الجانبين سيحددان مرجعيتهما حين يجتمعان. وذكر راديو إسرائيل أن وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك التقى بعباس سرا في العاصمة الأردنية عمان الأحد رغم أنه لم يعط تفاصيل عن المحادثات وقال إن باراك أبلغ نتنياهو بما دار بينهما. ومن المقرر أن تستأنف المحادثات الإسرائيلية الفلسطينية بعد 20 شهرا من التوقف تخللته الحرب الإسرائيلية على غزة غدا وذلك في احتفال في وزارة الخارجية. وقال نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي سيلفان شالوم الأحد إن نتنياهو أبلغ حكومته بأنه لن يكون هناك قرار بشأن قضية المستوطنات قبل بداية السنة اليهودية التي تحل في الثامن من سبتمبر (أيلول) أي بعد انعقاد قمة السلام. وأثار بعض حلفاء نتنياهو إمكانية قصر أغلب الإنشاءات المستقبلية في المستوطنات على تلك الواقعة داخل التكتلات الكبيرة التي تعتزم إسرائيل الاحتفاظ بها في أي اتفاق سلام. ويرفض الفلسطينيون الفكرة قائلين إنها ستكون بمثابة قبول بالسيادة الإسرائيلية على تلك الجيوب الاستيطانية. ويقول نتنياهو الذي ضغط إلى جانب الولاياتالمتحدة من أجل إجراء محادثات مباشرة دون شروط مسبقة أن قضية البناء في المستوطنات مستقبلا يجب أن تحل من خلال المفاوضات التي تأمل واشنطن أن تؤدي إلى اتفاق بشأن دولة فلسطينية خلال عام. ويرى محللون كثيرون أن هذا الهدف غير واقعي مشيرين إلى الانقسامات الدخلية في إسرائيل وبين الفلسطينيين وصعوبة القضايا ومن بينها المستوطنات ومصير القدس والتي استعصت على الحل على مدى عقود من الصراع. وتعارض الولاياتالمتحدة التوسع الاستيطاني لكن لم يصل بها الأمر إلى مطالبة إسرائيل بتمديد وقف البناء. وبدلا من ذلك حثت كلا من إسرائيل والفلسطينيين على عدم اتخاذ إجراءات قد تعرض المفاوضات للخطر. ويعيش 500 ألف إسرائيلي و 5, 2 مليون فلسطيني في الضفة الغربيةوالقدسالشرقية اللتين احتلتهما إسرائيل في حرب عام 1967. ويهدف الفلسطينيون إلى إقامة دولة في الضفة الغربية التي تهيمن عليها السلطة الفلسطينية التي يرأسها عباس وقطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس.