نقرأ كثيرا عما تعانيه كثير من الفتيات من عضل آبائهن لهن، ونقرأ قليلا عن أن قليلا من أولئك الفتيات الكثيرات لجأن إلى القضاء يطلبن الإنصاف من والد كلما تقدم لهن زوج رفضه، ولا نكاد نقرأ أن أيا من هؤلاء الفتيات المتظلمات تولى أمرها القضاء وزوجها القاضي بعد الحكم بإسقاط ولاية والدها عليها نتيجة عضله لها، ولا يعني ذلك أي تشكيك في نزاهة القضاء، فإنما يحكم القاضي بناء على ما بين يديه من حجج الخصوم، وليس من السهل أن تخاصم أي فتاة والدها وتنتصر عليه، أو تكون قادرة على أن تلزمه الحجة أمام القضاء، ولذلك غالبا ما تنتهي قضيتها بالحكم لوالدها بناء على ما قدمه من حجج ادعى فيها حرصه على مصلحة ابنته وحمايتها من الذين تقدموا للزواج منها، ولمقام الأبوة من القدرة على التأثير في القضية حتى ولو لم يكن لهذا المقام أثر يرحم البنت من تسلط وتعسف الأب. ورغم ذلك فلا نعدم أن نجد من بين الفتيات من استطاعت إثبات ما تتعرض له من عضل، وتمكنت من انتزاع حقها، وإقناع القضاء بعدالة قضيتها، وصدق دعواها، فنولى القضاء أمر تزويجها بعد إسقاط ولاية أب ثبت للقضاء تعسفه وعضله لابنته. غير أن المسألة لا تتوقف عند هذا الحد، وإذا كانت العدالة قد أنصفت الفتاة بتزويجها، فالعدالة تقتضي إنزال العقوبة بالأب لما أقدم عليه من ظلم لابنته، وليس في تزويج ابنته من قبل القضاء أي عقاب له فذلك ليس سوى إقرار بما هو حق شرعي لها ولم تكن بحاجة إلى «الجرجرة» في المحاكم لكي تحصل عليه. ولو استحضرنا الحديث النبوي الشريف الذي يقول «إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير» فإن من حقنا أن ننتظر حكما للقضاء ضد من يتسبب فيما حذر منه النبي من الفتنة في الأرض والفساد الكبير بمنع تزويج ابنته. قضايا العضل كثيرة وقديمة، وما كان لها أن تعمر وتتفشى لو أن القضاء نظر إلى المسألة من زاوية جرم الأب وليس من زاوية حق البنت، والنظر للمسألة من زاوية جرم الأب هو الإنصاف الحقيقي للبنت وهو الكفيل بإنزال العقوبة به فتكون رادعا لمن تسول له نفسه أن يقدم على عضل ابنته، وما كان لقضايا العضل أن تنتهي لو كان جل ما يتوقعه الأب الذي يعضل ابنته أن يزوجها القضاء نيابة عنه. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 165 مسافة ثم الرسالة