فقدت منطقة الجوف والأوساط الثقافية في المملكة قبيل أيام من دخول رمضان الأديب عيد بن نعيم السهو؛ وذلك إثر نوبة قلبية مفاجئة أدت إلى وفاته في مدينة سكاكا. ويعد الأديب السهو واحداً من أهم أعلام الأدب في منطقة الحدود الشماليةوالجوف له ما يزيد عن خمسة مؤلفات في مجال الشعر والأدب والأنساب وهناك ديوان كان ينوي طباعته بعد الانتهاء من إعداده، ويعتبر السهو أول رئيس للنادي الأدبي في منطقة الجوف حيث عمل منذ تعيينه رئيساً للنادي على تشكيل اللجان واختيار الموقع مع مجموعة من أدباء ومثقفي المنطقة. وبفقد الأديب والمؤلف السهو تكون المنطقة الشمالية فقدت أحد أعمدة الأدب والعلم والثقافة. وقال وكيل وزارة الثقافة والإعلام سابقا الدكتور عبدالعزيز السبيل إن عيد نعيم السهو أديب بحديثه، وشاعر يبدع في شعره، وإداري حقق الكثير للوطن. عاش مراحل الأدب إبداعاً عبر دواوينه الشعرية، وهي ثروة تستحق من النقاد عدداً من الدراسات، كتب في التاريخ بوعي ورؤية، وقاد فريق التأسيس لنادي الجوف الأدبي، فانطلق نحو آفاق معرفية ونجح في إيجاد أجواء ثقافية مؤثرة. ويروي الدكتور السبيل تفاصيل علاقته بالراحل السهو «حين ترجل من النادي بعد سنوات من رحلة العمل الثقافي، شرفت بلقائه، وكسبت معرفته، واستفدت من أدبه، وأسرني خلقه، وغمرني لطفه، وأدهشتني أريحيته وإذا كان قد تم تكريمه في مؤتمر الأدباء الثالث في الرياض قبل أشهر، فلكي يسجل التاريخ جهوده الكبيرة في النادي الأدبي. كم يصعب تخيل فقد هذا الأديب والشاعر المتميز، غير أن ما ترك من آثار أدبية تاريخية، ستبقى من أجل أن تحكي قصته للأجيال المقبلة وكبير الأمل في أبنائه الأعزاء لرعاية ما خلف من آثار أدبية». وقد نعى عدد من الأدباء والمثقفين في المنطقة الشمالية الأديب عيد بن نعيم السهو، حيث قال العضو السابق للنادي الأدبي في الجوف الدكتور مفلح الكايد «إن الوسط الثقافي فقد رجلا من رجالات الأدب والثقافة عمل بكل تفان وإخلاص ومعروف عنه حب الخير والعمل الدؤوب وكان لجهوده ثمار طيبة ومنها عمله كأول رئيس للنادي الأدبي، فهو العين الشمالية الكاملة فقد خسره الشعر والأدب حيث كان الراحل عبارة عن مجتمع برمته له بصمات بيضاء وله طريقته في مساعدة الناس فقد أثرى الساحة الشعرية والأدبية عبر طروحاته ومنهجه الخاص على مدى 45 عاما قضاها في الأدب والشعر والثقافة». من جانبه، اعتبر مدير التربية والتعليم في منطقة الحدود الشمالية وعضو نادي الجوف الأدبي عبدالرحمن بن أحمد الروساء وفاة الأديب عيد بن نعيم السهو خسارة للأدب «لما عرف عنه من حب للعمل في ذلك المجال، وما زلنا نحتفظ بالعديد من مؤلفاته فهو رمز للأدب في منطقتنا، وأن الفقيد يعتبر من وجهاء الشمال وهو فقيد للمنطقة وقدم خدمات جليلة لوطنه أثناء حياته وفقده رجال الأدب والثقافة لكونه يمثل جميع الجهات، وحياته العملية حافلة بالعطاء في المملكة». من جانبها، رأت الكاتبة فهدة محمود الكريع أن منطقة الجوف فجعت بوفاة الناقد والأديب عيد بن نعيم السهو «فقد المجتمع رجلا شهما وناقدا كبيرا لا يقف أمامه في سبيل الحق أي عائق، فكان مثالا للطيبة الواعية والإدراك الذكي لما حوله مؤمنا دائما بقضاء الله وقدره مراعيا لشعور من حوله صغيرا أو كبيرا». وتسرد الكريع ملامح من سيرة الراحل السهو «حفظ القرآن الكريم وهو في سن مبكرة، وأثرى المكتبة الأدبية بالعديد من دواوينه الشعرية باللغة الفصحى بالإضافة إلى نتاج أدبي نشط في الصحف والمجلات محليا وخارجيا. لقد كان من أولئك الرجال الذين برهنوا بسيرتهم الذاتية على أن هذا الوطن العظيم سخي مع أبنائه كبير في عطائه وذلك من خلال مناصبه القيادية التي تقلدها وكان آخرها مديرا عاما للأحوال المدنية في منطقة الحدود الشمالية». تستطرد فهدة «كان فارسا من فرسان الأدب عرف بفصاحة بيانه وسرعة بديهته في مداخلاته وأحاديثه، فبعد تقاعده من الوظائف الحكومية تم تكليفه كأول رئيس للنادي الأدبي في الجوف، فكثيرا ما يلجأ إليه رجال الشعر والأدب عندما يشتد الخلاف بينهم حول موضوع معين فيبادر بتقديم نص أدبي توفيقي وذلك لسعة علمه وثقافته يمتلك مكتبة كبيرة في منزله تحتوي على آلاف الكتب الأدبية والثقافية والتاريخية كان يقضي معظم وقته فيها». تتذكر الكاتبة الكريع «هاتفني رحمه الله قبل وفاته بأشهر قليلة وكان يثني على مؤلف لي وأهداني قصيدة يثني فيها على مادة الكتاب فقال رحمه الله في مطلع القصيدة: سفر أطل أتت به الآفاق للقارئين كأنه الترياق فيه الرؤى في طرسه منظومة كالعقد تحفظه لنا الأوراق فقد تشرفت بهذه القصيدة من أديب كبير في قامة أبي يوسف. فأنا أعرف ما في قرارة نفسه حيث كان يهدف إلى تشجيعي والأخذ بيدي إلى العطاء؛ لأنه يفرح كثيرا عندما يسمع أو يقرأ لأي كاتب أو شاعر من أبناء الوطن». من جانبه، يشير رئيس النادي الأدبي في منطقة الحدود الشمالية ماجد صلال المطلق إلى أن الراحل «كان علما من أعلام الشمال عرفناه مسؤولا وأهلا للمسؤولية وقد كسب ثقة ولي الأمر ورؤسائه في الأحوال المدنية، كنت مديرا لمدرسة وقد عرفت الراحل كولي أمر طالب يهتم ويتابع تحصيل أبنائه ويحرص على التحصيل السلوكي أكثر من التحصيل العلمي ويتفاعل باستمرار مع المدرسة ويحضر كافة مناسباتها، سواء مجالس الآباء أو الحفلات المدرسية كما عرفناه شاعراً وأديباً له العديد من الدواوين، وعند حضوره يكون محط أنظار الجميع لثقافته وأدبه وتواضعه وحديثه الطيب». ولفت المطلق إلى أن الراحل السهو كانت لديه مكتبة منزلية في الوقت الذي لم يكن في عرعر برمتها مكتبات عامة «يقضي أكثر وقته فيها وعندما نحضر إلى منزله في مناسبة كان يطلعنا على موجودات المكتبة التي تزخر بأمهات الكتب ومراجع ومصادر تفي باحتياجات المثقف والباحث ويحث الجميع على القراءة والاطلاع، وعندما كنت مشرفا ثقافيا في نادي بدنة الرياضي كان يشجعني على تفعيل النشاط الثقافي وكان يحضر الأمسيات الشعرية التي ينظمها النادي ويحث أصدقاءه من المسؤولين على حضورها عندما فقدنا أبا يوسف لم نفقد رجلا عاديا بل فقدنا رجلا مميزا وأديبا مبدعا، رحم الله أبا يوسف وبارك في أبنائه».