وضع أحمد خان صاحب متجر في باكستان مسدسا في جراب جلدي حول خصره قبل أن يبدأ جولة في قريته التي غمرتها مياه الفيضانات. وقال خان، وهو يقف خارج متجره الصغير في قرية سلطان كوت في قلب حزام زراعة الأرز في إقليم السند: «إنه موسم اللصوص، ونحتفظ بأسلحة لأن الحكومة لا توفر لنا الأمان، لذا علينا أن نحمي أنفسنا». وبعد أكثر من ثلاثة أسابيع من الفيضانات المدمرة في حوض نهر الإندوس، لازالت المياه تمتد لأماكن أخرى في إقليم السند. وشردت الفيضانات أكثر من الملايين وألحقت أضرارا بمنازل وبنية تحتية ومحاصيل زراعية تقدر بمليارات الدولارات. وتنتشر مخيمات الإغاثة حول مدن مثل سوكور وتتدفق الإمدادات من طعام ومأوى، لكن كثيرين يفضلون البقاء في قراهم لحماية ديارهم وممتلكاتهم من اللصوص. وأوضح خان: «ما من سبب آخر للبقاء». وقطعت الفيضانات جميع الطرق المؤدية إلى سلطان كوت، التي يقطنها في الأحوال العادية نحو ألفي شخص. ويتطلب الآن الوصول إليها ركوب مركب عند نهاية الطريق عبر مساحة شاسعة من الأرض تغطيها المياه إلى خط للسكك الحديدية قطعته أيضا مياه الفيضانات. وبعد السير لمسافة كيلو متر تقريبا يعبر القرويون حاجزا للعودة إلى طريق تغمره المياه جزئيا ويقطعون كيلو مترين للوصول للقرية، والجزء الأخير من هذه الرحلة يقطعونه وسط مياه يصل ارتفاعها إلى الخصر لا زالت تجري بقوة كبيرة. ومن فوق سطح مستو أشار خان لمقابر القرية التي تغمرها مياه يصل ارتفاعها إلى مترين ويسبح ثعبان وسط مياه الفيضان متفاديا العديد من الحجارة التي تلقى في طريقه قبل أن يصل إلى مبنى من الطوب نصف مغمور ويختفي. عند حافة المياه تنهش الكلاب جيفة أحد الخراف. وبقي عدة مئات من السكان في سلطان كوت، وهو رقم يثير الدهشة ومن حسن حظهم أن نائب المنطقة في مجلس إقليم السند وهو عضو في الحزب الحاكم للرئيس آصف علي زرداري يمدهم بالغذاء. وقال قرويون إن اغا تيمور خان يرسل مواد أساسية مثل الدقيق والعدس والسكر بقارب إلى سلطان كوت ومناطق أخرى في دائرته. وقالت امرأة مسنة اسمها جيجال وهي تجلس على سرير من الحبال في مدرسة الفتيات في القرية التي لجأ إليها عشرات الأشخاص: «إن تيمور خان يتولى جميع أمورنا». وكومت المكاتب في ركن واحد في أحد الفصول بينما وضع النازحون أمتعتهم من الملابس وصناديق من الصفيح في الركن الآخر. وعلقت على جدران الفصل لوحات تبين أجزاء الجسم وأنواع الخضر والفواكه. وتقول جيجال: «لم يكن أمامنا خيار سوى القدوم إلى هنا مع أطفالنا من أجل سلامتنا. فقدنا كل شيء. جرفت منازلنا وأضيرت حقولنا. ربما نضطر للبقاء هنا لمدة عام آخر». ويقول رجلان يبدو عليهما الإنهاك بعدما سارا لمدة ثلاثة أيام من قريتهم مبارك التي غمرتها المياه بحثا عن مؤن، إن إمدادات الغذاء تنفد في القرى الأبعد. ويحمل دايم أحد الرجلين سلة فوق رأسه بها دجاج يبدو مريضا. وقال إن كثيرين لم يغادروا قريته، مضيفا: «يأكل الناس ما لديهم من مؤن ولكن الآن الجميع لديه مشكلة».