• هدفي في هذه الحياة أن أرتقي بنفسي وبمجتمعي إلى أعلى المراتب وأن أطور من نفسي، وحلمي أن أصبح مدربة تنمية بشرية وأن أتفوق في دراستي الجامعية لكن كل تلك الأحلام باءت بالفشل، بدءا من التحاقي بالجامعة التي وجدت نفسي في قسم يخالف رغبتي (فيزياء طبية) في المستوى الثالث، وسبب لي مشكلة كبيرة في حياتي، فأنا أحضر الكثير من المحاضرات والدورات وأقرأ الكثير من الكتب، ومع ذلك لا أتذكر منها شيئا، رغم أني أكتب كل شيء أسمعه واستخدم كل الطرق الحديثة التي تساعدني في التذكر، ومع ذلك أحس أني لا أفهم، ولا أستوعب شيئا، وعندها أشعر برغبة قوية في البكاء، وأحيانا أبكي لا إراديا داخل الجامعة خاصة إذا رأيت فتاة ناجحة حققت ما تريد، أرجو مساعدتي. سامية جدة الملاحظ أنك في المستوى الثالث قسم فيزياء طبية، وهو قسم كما أظن دراسته ليست سهلة، ويحتاج لمستوى طيب من القدرة العقلية والجهد أيضا، فكونك قد واصلت به ووصلت لهذا المستوى فهذا يعني أنك تتمتعين بقدرة عقلية طيبة، والواضح أيضا أنك تتمتعين برغبة عالية في التحصيل، وكل هذه صفات تشير إلى توفر العوامل اللازمة للنجاح والتفوق، أما أنك تنسين فالأمر يتطلب التوقف عند هذه الناحية لمعرفة الأسباب التي تجعلك تعانين من مشكلة النسيان، التي تستخدمين للتغلب عليها كما تقولين كل الوسائل الحديثة التي تعلمتها، والنسيان أمر له أسباب كثيرة، منها القلق، لذا يفضل أن نبدأ بعلاجه ولكي يتم ذلك تحتاجين إلى زيارة لاستشاري نفسي للتحدث معه عن هذه المشكلة، وإلى أن تتمكني من تحقيق هذه الزيارة أنصحك بأن تركزي على ما تم تحقيقه، وهو بتقديري كثير، فأنت قد حصلت على الثانوية العامة بمجموع طيب، والتحقت في تخصص مستقبله الوظيفي مضمون، ووصولك إلى المستوى الثالث يعتبر بحد ذاته إنجازا طيبا، وبعد ذلك أغلقي العديد من الملفات التي لا لزوم لها في هذه المرحلة بالذات، فمثلا لست بحاجة لأن تكوني متفوقة في دراستك ومدربة تنمية بشرية، ويمكن تأجيل الارتقاء بمجتمعك قليلا ريثما تنتهي من دراستك، هذه الأفكار يبدو لي والله أعلم أنها أحد أهم أسباب قلقك، فأنت لا تريدين أن تكوني نفسك، أنت تريدين أن تكوني غيرك، بمعنى أنك تحاولين تقليد غيرك، ولا تتعاملين مع نفسك كصديقة لك، تراعي إمكانياتها وقدراتها، وتكوني رحيمة بها، وإنما تحاولين تحميلها فوق طاقتها، ففتحت عليها آمالا وطموحات كبيرة، ناسية أن البشر ليسوا سواء، وأن النجاح في مجال واحد وإتقانه خير من عدم النجاح في مجالات كثيرة مفتوحة تسيرين في كل منها بضع خطوات ثم تتوقفين، أنت حملت نفسك طموحات كثيرة، ووضعت أمامها العديد من الأهداف وأخذت من كل فتاة ناجحة مجال نجاحها وطلبت من نفسك تحقيق كل النجاحات الموجودة عند هؤلاء الفتيات، ربما استفدت كثيرا لو أنك رتبت أهدافك على النحو التالي: النجاح في الدراسة أولا، ثم بناء علاقات اجتماعية متوازنة مع بعض الأقارب والصديقات، وتأجيل بعض الأهداف مثل التنمية البشرية، والإلقاء والخطابة، وعمل الدورات ... إلخ. فأنت بحاجة لتأجيل بعض هذه الأهداف ريثما تحققين النجاح في مجال الدراسة والعلاقات الاجتماعية المتوازنة، كوني نفسك ولا تكوني غيرك، صادقي نفسك ولا تعاديها، أحبي ما تنجزينه ولا تحقري ما تفعلينه، تذكري أن نفسك ساعدتك في تحقيق العديد من الأهداف ولم تخذلك، وتوقفي عن تحميلها فوق ما تطيق، وتذكري أن أي هدف يحتاج لزمن كي يتم إنجازه، وأن التعامل مع أنفسنا باحترام وتقدير خير من التعامل معها بقسوة، وأنه ليس شرطا أن يكون كل منا صورة مكررة من الآخرين، الناجحون هم من يستطيعون عمل ما يمكنهم عمله وليس ما استطاع غيرهم أن ينجزه.