إن كثرة الذين تجرأوا على الإفتاء وبغير أهلية ولا هدى من كتاب منير قد نشرت البلبلة والتشويش على الناس الذين ضاقت نفوسهم بكثرة ما يسمعون من خلال الإذاعات والتلفزيونات، أو يقرأون بالصحف وفي المجلات من فتاوى يناقض بعضها بعضاً، أو هي في بعضها لا يقوم على دليل وليس له في الشرع من برهان. وقد جاء صدور أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز –رعاه الله– ليقضي على الفوضى في الفتوى ولتظل مقصورة على أهل العلم ومن لهم الكفاءة والمخزون الثقافي الذي يؤهلهم للإفتاء بما يكون موافقاً لما نص عليه شرع الله في الكتاب الكريم والسنة المطهرة، وذلك بالاعتناء بمؤسسات الإفتاء وتوفير المؤهلين للفتوى في جميع الأنحاء بحسب الحاجة تيسيراً للناس وإيقافاً للبلبلة والتشويش، وقد أوضح الأمر الملكي «أن الدولة حريصة على أن تظل للمؤسسات الشرعية هيبتها ومكانتها المحترمة وأنه لن تكون الجلبة واللغط والتأثير على الناس بما يشوش أفكارهم ويحرك سواكنهم ويتعدى على صلاحيات مؤسساتنا الشرعية أداة للاحتساب وحسم الموضوع، بل إن الدخول الارتجالي فيها يربك علم مؤسساتنا الشرعية ويسلبها صلاحياتها ويفرغها من محتواها بدعوة واضحة للفوضى والخلل، ومن هؤلاء من يناقض نفسه بإعلان حرصه على هذه المؤسسات وتزكيتها وعدم النيل منها ثم يلغي بفعله الخاطئ دورها ومنهم من يكتب عرائض الاحتساب للمسؤولين فيما بينه وبينهم كما هو أدب الإسلام ثم يعلن عنها –على رؤوس الأشهاد– ليهتك ما ستر الله عليه من نية أو سوء تدبير على إحسان الظن به، وفي مشمول هؤلاء كل من أولع بتدوين البيانات والنكير على الخاص والعام لسبب وغير سبب ومن بينهم من أسندت إليهم ولايات شرعية مهمة. وفي سياق ما ذكر ما نما إلى علمنا من دخول بعض الخطباء في تناول موضوعات تخالف التعليمات الشرعية المبلغة لهم عن طريق مراجعهم، إذ منبر الجمعة للإرشاد والتوجيه الديني والاجتماعي بما ينفع الناس لا بما يلبس عليهم دينهم، ويستثيرهم في قضايا لا تعالج عن طريق خطب الجمعة». وكما قلت بالأمس إنه انطلاقاً من مسؤولية الأمانة فقد أصدر خادم الحرمين الشريفين الأمر الملكي إلى سماحة المفتي بما ينظم الفتوى عبر القنوات الرسمية التي حددها –حفظه الله– بالنص التالي: «قصر الفتوى على أعضاء هيئة كبار العلماء، والرفع لنا عمن تجدون فيهم الكفاية والأهلية التامة للاضطلاع بمهام الفتوى للإذن لهم بذلك، في مشمول اختيارنا لرئاسة وعضوية هيئة كبار العلماء، واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، ومن نأذن لهم بالفتوى، ويستثنى من ذلك الفتاوى الخاصة الفردية غير المعلنة في أمور العبادات، والمعاملات، والأحوال الشخصية، بشرط أن تكون خاصة بين السائل والمسؤول، على أن يمنع منعاً باتاً التطرق لأي موضوع يدخل في مشمول شواذ الآراء، ومفردات أهل العلم المرجوحة، وأقوالهم المهجورة، وكل من يتجاوز هذا الترتيب فسيعرض نفسه للمحاسبة والجزاء الشرعي الرادع، كائناً من كان، فمصلحة الدين والوطن فوق كل اعتبار، وقد زودنا الجهات ذات العلاقة بنسخ من أمرنا هذا لاعتماده وتنفيذه –كل فيما يخصه– وسنتابع كافة ما ذكر ولن نرضى بأي تساهل فيه قل أو كثر، فشأن يتعلق بديننا، ووطننا، وأمننا، وسمعة علمائنا، ومؤسساتنا الشرعية، التي هي معقد اعتزازنا واغتباطنا، لن نتهاون فيه، أو نتقاعس عنه، ديناً ندين الله به، ومسؤولية نضطلع بها –إن شاء الله– على الوجه الذي يرضيه عنا، وهو المسؤول جل وعلا أن يوفقنا ويسددنا ويدلنا على خير أمرنا، ويلهمنا رشدنا وصوابنا، وأن يسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة، ويزيدنا من فضله ويستعملنا في طاعته، إنه ولي ذلك والقادر عليه». وبذا فإن المتوخى من جميع الدول الإسلامية أن تعمل بمثل ما صدر عن خادم الحرمين الشريفين من ناحية، وأن تتابع وتراقب الجهات المعنية فلا تسمح لكائن من كان كما نص الأمر الملكي بالإفتاء إن لم يكن ممن صدرت الموافقة بالإذن له والله المعين. فاكس: 6671094 [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 158 مسافة ثم الرسالة