يعتبر شهر رمضان المبارك لدى المسلمين موسما حقيقيا لتحريك النشاط الاقتصادي والتجاري، حيث يرتفع معدل الاستهلاك الشهري للأسرة مابين 30 إلى 50 في المائة خلال شهر رمضان الكريم. وبداية من منتصف شهر شعبان تبدأ الأسر بمختلف فئاتها بالتوجه إلى الأسواق لشراء الأطعمة والمأكولات والمشروبات المختلفة. وبالرغم من تناول الفرد وجبتين فقط في شهر رمضان، إلا أن تكلفتهما تفوق الثلاث وجبات في الأشهر الأخرى خلال الأيام العادية، فالمائدة الرمضانية تختلف عن المائدة في بقية الأشهر الأخرى، فهي مليئة بالمأكولات والمشروبات وبكل مالذ وطاب. فالفرد المسلم لايستهلك إلا مايشبع به بطنه والبقية سيكون التلف من نصيبها ثم إلقاؤها في حاويات النفايات وهذا يعتبر إسرافا. والإسراف هو صرف الشيء فيما ينبغي زائدا على ماينبغي. وقد نهى الله سبحانه وتعالى عنه، في قوله تعالى: «وكلوا وأشربوا ولاتسرفوا إنه لايحب المسرفين». وهو سفه استهلاكي يتعارض مع الطابع الروحي والإيماني لشهر رمضان الكريم، الذي تقوم فلسفة العبادة فيه على ضبط الشهوات لصالح نقاء الروح مما يجعل الإنسان أكثر قدرة على أداء التكاليف والعبادات. وإن تأثير هذا السفه الاستهلاكي يمتد ليشمل أضعاف معدل الإدخار الذي يعتبر المقياس لقدرة الدول على البناء الذاتي لنهضتها واقتصادها وتوفير فرص أفضل للأجيال المقبلة. حيث يبلغ المتوسط العالمي للإدخار 21 في المائة، بينما في بلداننا الخليجية لايتعدى 20 في المائة على الرغم من تمتعها بمستوى دخل جيد.