«رمضان شهر الخير والبركة، اللهم بارك لنا فيه، كل رمضان وأنتم بألف صحة وعافية، صيام مقبول وذنب مغفور»، كل هذه العبارات وغيرها تهان يتبادلها الناس والشبان بصفة خاصة عبر رسائل الهاتف النقال، بمناسبة مقدم رمضان وغيرها من المناسبات، وذلك في ظل ضعف التواصل الاجتماعي بين أفراد المجتمع بسبب ثورة الاتصالات الحديثة. انقطاع صلة الرحم «هذه مصيبة بل كارثة»، قالها أحمد تركستاني (17 عاما) من جدة، في حسرة واضحة مضيفا «التكنولوجيا حرمتنا بركة التواصل مع الأهل والأقارب، فقديما كان الآباء والأجداد يتواصلون بشكل شبه يومي، ما كان له أبلغ الأثر في تقوية صلة الرحم وزرع الحب في نفوس الصغار قبل الكبار، أما اليوم فأصبحت (رسائل الجوال) البديل عن كل تواصل مباشر بين الأهل والأقارب، فالزمن تغير مع تقدم التكنولوجيا بشكل مذهل ما قصر المسافات. نحن أبرياء يشاطر عبدالرحمن مرعي (18 عاما) صديقه أحمد، قائلا: قديما كان التواصل لا يتم إلا عن طريق الزيارات، حيث تجد جميع أبواب الأهل والأقارب وحتى الجيران مفتوحة وصدورهم أيضا بالترحاب، ولكن مع مرور الزمن وتقدم وسائل الاتصالات، أصبح حتى الجار في نفس المبنى لا يهنئ جاره بقدوم شهر رمضان وكذا الحال في مباركته بالعيد، وتلك قمة التقصير في عملية التواصل والتعارف فيما بين الناس، ولكن نحن أبرياء من كل ذلك والسبب الأول والأخير لبعد المسافات في ظل التوسع العمراني، والتي أصبح معها أغلب الأقرباء بعيدين. تهنئة بالجوال محمد الزبيدي (22 عاما) يقول: أكتفي بإرسال رسالة لكل معارفي وأصدقائي وأقاربي وأهلي وحتى جيراني، فبواسطة الهاتف النقال أستطيع إيصال التهنئة بقدوم رمضان أو مناسبة العيدين أو حتى المباركة بقدوم مولود، وبالتالي أذهب إليهم بل أكتفي بالتهنئة عن طريق رسالة قصيرة إلى «الجوال» وبذلك أكتفي، وهذه من وجهة نظري أيسر طريقة في التواصل الاجتماعي. الرسالة تفي بالغرض ويقول عبده طاهر (25 عاما) طالب جامعي من جدة، صحيح أن التواصل المباشر له وقعه على النفوس، ولكن مع مشاغل وضغوط الحياة والركض المتواصل وراء لقمة العيش وقضاء الساعات الطوال في العمل، لا نجد الوقت الكافي لإيصال التهنئة عن طريق الزيارات، والتي قد تحتاج إلى ترتيب مسبق مع الطرف الآخر، حتى أن بعض الناس عندما ترسل له لا يرد عليك، فما الحال لو كانت زيارة شخصية ؟! ويضيف: لا أعتقد أن الناس هذه الأيام لديهم الوقت لاستقبال أي شخص أو استضافته حتى أقرب الناس عندما تتصل عليه، وتستأذنه بالزيارة، يعتذر، لكونه إما مشغول مع الأبناء أو زوجته أو في عمله، ولذلك أرى أن الرسالة هي الحل البديل. زمن العولمة ويتفق كل من عبدالمجيد الزبيدي ومحمد شحاته ومشاري أحمد على أن «الجوال» هو السبيل الوحيد لديهم للتواصل قائلين «إن اتساع النطاق السكاني، مع عدم توفر وسيلة مواصلات لدينا، هي السبب وراء استخدام الرسائل الإلكترونية، فنحن في زمن العولمة حيث للتكنولوجيا دور كبير في التواصل الاجتماعي، فلو أردت التهنئة، فما عليك سوى اختيار الاسم وإرسال رسالة نصية ليستلمها الطرف الآخر وأنت في منزلك. ويضيف شحاته، شخصيا أعتمد كثيرا على الرسائل النصية عن طريق الهاتف، ولا أعتقد أن هناك شخصا لا يمتلك هذا الجهاز الذي أصبح الصغير يقتنيه قبل الكبير والكل يستخدمه في كل وقت وزمان. ولا يبتعد عبد المجيد كثيرا عن هذا الرأي إذ يقول: لقد اختصرت الرسائل الإلكترونية كثيرا من المسافات، ولكن أصبحت قلوب الناس قاسية، فلا تواصل ولا زيارات كما كان في السابق.