ثمة مفكرون يرون أنه يمكن للموظف إعطاء مسؤوليه مبلغا من المال مقابل ترقيته إن كان له الحق في الترقية، صحيح أنهم يصفون الأمر بالكارثة ويؤكدون أن الأفضل عدم الدفع للحصول على الترقية المستحقة، لكنهم يستدركون: «يجوز له أن يدفع لأن هذا دفع مشروع للحصول على حق له، ولكن لا يجوز للمسؤول أخذ هذه الأموال»، كما قال أحد المفكرين المؤيدين لهذه الفكرة. هؤلاء المفكرون ينطلقون من أن الموظف ضعيف حيلة وليس لديه خيار لأخذ حقه إلا بدفع المال، وهذا حل إلى حد ما إن كان الأمر مرتبطا بحالة طارئة، بيد أنك حين تنظر لما تعتقده حلا بعمق أكثر ستجد أنها بداية لسن أو تكريس واقع قبيح، وستصبح سنة متبعة للبقية، من يريد أخذ حقه عليه دفع المال، بمعنى استمرارها سيمنحها المشروعية، وستصبح من عادات المجتمع أو عرفا تعارف عليه الناس ولن يستنكروه. قد يتساءل البعض: ما الحل إن كان الواقع قبيحا، وكيف يأخذ ذاك الموظف الضعيف حقه؟. بالتأكيد لا أرى أن الموظف ارتكب خطيئة إذ يدفع رشوة لأخذ حقه، بيد أني أرى أن من أخذ الرشوة هو الآثم، كذلك زملاء الموظف هم آثمون مرتين، مرة حين لم يدفعوا الظلم عن زميلهم، ومرة حين لم يدافعوا عن حقوقهم المستقبلية، فهم في نهاية المطاف سيدفعون للمسؤول حين يستحقون العلاوة. إن الفارق بين الإنسان والحيوان العقل والوعي، ففي الغابة ومنذ أن وجدت الأرض والأسد يطارد قطيع الجواميس ويبدأ كل فرد من القطيع بالهرب بحثا عن خلاصه وحده، وكان كل مرة يقع أحدهم فريسة للأسد، واستمرت الحياة بالغابة هكذا أو أصبحت سنة الغابة أن يطحن القوي الضعيف لغياب العقل عن الحيوان. فيما الإنسان يملك العقل ليفكر، وكل ما يحتاجه إلى الوعي، وأن دفاعه عن حق زميله هو أيضا دفاع عن حقوقه المستقبلية، وحين يعي الموظفون بهذا القبح، ويقفون في وجه المسؤول / الأسد دفاعا عن زميلهم، لا يمنعون الظلم عن زميلهم فقط، بل ويمنعون تحويلهم من بشر إلى حيوانات خاضعين لقانون الغابة. خلاصة القول: إن الواقع القبيح لا يبيح الرشوة، وإن أيد هذا بعض المفكرين، فالواقع القبيح يجب تصحيحه دفاعا عن زميلهم المستحق للترقية، دفاعا عن حقوقهم المستقبلية، دفاعا عن الجيل الجديد حتى لا يأتي لهذا العالم فيجد أن دفع مال لأخذ حقك عادة في المجتمع لا يستنكرها أحد. S_ [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة