أبدل دخول رمضان شكل الحياة في الطائف، وتحول أصحاب المحال التجارية إلى مؤثرين مباشرين في ألوان الشوارع والطرقات عبر اللافتات التي وضعوها على محالهم طبقا لتغيير أنشطة تلك المحال التجارية، فالمطاعم تحولت إلى عرض تقديم السنبوسة، الرقاق، السوبيا، واللقيمات. كما عمدت غالبية تلك المطاعم، خاصة الكبيرة منها، لتعليق الفوانيس والأتاريك على مداخل المطعم، وتعليق الأقمشة الرمضانية التي يعود أصلها إلى الشام، والتي تحمل نقوشا إسلامية ارتبط وجودها بدخول رمضان، وذلك دلالة على وجود الأكلات الرمضانية لديها طوال الشهر. كما تركز المطابخ الكبيرة على إعداد وبيع الوجبات الرمضانية، وهو ما يشهد تنافسا حادا هذا العام بينها، كما تسعى المقاهي على إعداد وجبات رمضانية خاصة للشباب. وتحولت الحركة المرورية في الطائف إلى الزحام التلقائي في مشهد يشير إلى أن الناس يحاولون أن يسرقوا الساعات والمسافات للوصول لمبتغاهم، ولعل الشوارع الأكثر ازدحاما وشهرة في مدينة الطائف هي شوارع عكاظ، شهار، وشبرا. وتتميز مظاهر رمضان في مدينة الطائف بالحداثة، مايجعل من استحضار الماضي أمرا ملحا بالنسبة لمن عاصروا الطائف في القدم، وفي ذلك يقول الباحث في تاريخ الطائف عيسى القصير «كانت الأسر الطائفية في السابق تحتفل بدخول رمضان أكثر من العيد، حيث تستعد ربة البيت الطائفي بتنظيف البيت وتزيينه أكثر من أي يوم آخر، وتعد الحساء والسمن البلدي، كما أن هناك عادة كانت لدى ربات البيوت في الطائف لا يمكن أن يتنازلن عنها وهي فرم اللحمة في البيت، فكانت مفرمة اللحم ضرورية في كل بيت، ولا يمكن أن تفرم اللحمة خارج المنزل بعكس ما هو حاصل الآن». ويضيف عيسى القصير «أشهر الأسواق الرمضانية في الطائف قديما هي سوق الخميس، الهجلة، سويقة، وبرحة مسجد الهادئ والتي كانت تعج بالحركة التسويقية في الليلة الأولى لرمضان، والتشابه الوحيد بين رمضان في الماضي والآن هو الفوانيس والأتاريك التي تعلق على أبواب المحال والمطاعم، فقد كانت الأسواق قديما تضاء بالفوانيس والأتاريك قبل دخول الكهرباء عام 1369 ه، وهو ما يلاحظ الآن في عدد من المطاعم». ويضيف الباحث القصير «حركة البيع قديما تكون من ساعات الصباح الأولى وليس مثل الآن ثم تبدأ المطاعم والمحال بعد صلاة العصر ببيع الكنافة والسمنبوسة والمقلية والزلابية واللنقطة، وهو كعك صغير يقلى بالزيت، وكانت رائحة المأكولات الشعبية والطائفية تملأ الشوارع، وهو ما كان يميز منطقة السوق، وكان اللبس يختلف في شهر رمضان فتجد الجميع يلبس الغبانة والعمامة والبقشة، والجميع يردد: (فطورك يا صائم .. في الجنة جوه يا صائم .. وحد ربك يا صائم».