حين بدأت أبها برفع شعار السياحة الداخلية قبل قرابة الثلاثة عقود كانت تمد لحاف السياحة على قدر إمكانياتها وكانت حينذاك تستطيع استيعاب بضع مئات من السائحين وإرضاءهم بالقليل المتوفر من الخدمات، ولكنها على ما يبدو، وأنا أتحدث هنا عن أبها المدينة بكل مؤسساتها المسؤولة عن هذه الصناعة، نامت عند تلك الحال لسنوات حتى استيقظت أخيرا على الورطة وهي تشاهد عشرات الآلاف من السياح يتعاركون يوميا مع سكان المدينة على منظومة خدمات لا تزال هزيلة. صارت تعجز بتواضع خدماتها عن حمل شعار السياحة، وباتت في سنوات قليلة تواجه أزمتين متكاتفتين: انفجار سكاني متضمنا هجرة سكان أريافها ومحافظاتها إليها، وارتفاع ملحوظ في أعداد الراحلين إليها من السياح. في الأسبوعين الأخيرين كنت أراقب عن قرب مشاهد حية ل (ورطة أبها مع السائحين)، وفيها بدا أن المدينة التي كانت تفاخر بأنها أم السياحة الداخلية باتت تفشل في مهمة الموافقة بين الحاجة اليومية لسكانها ومطالب زوارها السنويين. ولكم أن تتخيلوا كيف حال سكان أبها الذين يعيشون أزمة مقاعد الطيران طوال العام حين يبدأ موسم الصيف الذي ينافس فيه السائح مواطنها على مقعد لم يكن متوفرا أصلا، بل كيف يصير حال المدينة التي تعجز فنادقها المعدودة عن إيواء وفود من عشرات الأفراد يزورونها في الشتاء، مع موسم الصيف الذي تتضاعف في الأرقام مائة مرة. مشكلة (أبها) أنها كانت تسارع جدا في تنمية صناعة السياحة الداخلية، وأنا هنا لا أتخذ موقف الضد مع ذلك التوجه ولكني أتساءل: هل كانت أبها تعي أن تبنيها لتلك الصناعة يعني بالضرورة أن تمتلك ثلاثة أضعاف مقومات وخدمات المدن المجاورة؟ وذلك حتى ترضي سكانها وزوارها وتظل مستعدة لاستيعاب هجرة المحيط إليها. الواقع يقول إنها تعيش في حالة تذمر تزداد مع موسم الصيف، وإن الشارع الذي يسع لمئة سيارة صار يزدحم بألف، وإن السرير وجالون الماء ومقعد الطائرة صار يتنافس عليها سبعة بدلا من اثنين. هذه هي الحقيقة التي يجب أن تلتفت إليها (أبها)، حتى لا تخسر غدا ثقة السائحين وهي لا تزال تسارع إلى تحسين المظهر، وتتجاهل المضمون. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 245 مسافة ثم الرسالة