إنّ هذا التفصيل في قضايا الوضع النهائي الذي سعت له تل أبيب وتحصلت على أكثر منه لم يكن ليحصل دون دور طهران الفعال خاصة في قضية التجزئة وتحقيق التدمير الكلي هذه المحاضرة التي ألقاها وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي تعتبر في رؤيتي الأخطر في تفاصيل أهداف المشروع الاستراتيجي الإسرائيلي ليس لإعلانه عن هذا الهدف المركزي لإسقاط العراق فهو ليس بجديد ولكنه للتفصيل الذي عرض له آفي ديختر وكيف تترجم رؤية تل أبيب إلى الرصد والتخطيط لقدرات الدول العربية قطريا وليس قوميا فقط وتحديدا أوضاع مصير العراق والعمل على استدامتها والمهم جدا أنّ ما فصل ديختر في أهدافه وعرض له يعطي دلالة كبيرة على أن هذا الانجاز الإسرائيلي من خلال الأهداف التفصيلية للعراق يتطابق بدقة مع الخصم الإقليمي لبغداد وهي إيران . ولم يمكن أن يُنفّذ بالوضعية التي احتفى بها ديختر دون شراكة سياسية وأمنية وميدانية إستراتيجية بين الدولتين قد تكون واشنطن شكلت مظلته وقد يكون الأمر ابعد من ذلك وان ما أعلنه ديختر من حرص تل أبيب على استمراره للحالة العراقية من الصعب أن نتصور أنّه يُمكن لتل أبيب أن تقوم به دون استمرار الطرف الإقليمي المباشر لهذه الحالة من متابعة إرهاق الحالة القومية والوحدة الوطنية فيه ببعدها الإسلامي المستقل. ودعونا نستعرض ابرز العناوين التي ذكرها ديختر ثم نعود للتعليق رغم حاجتنا إلى دراسة مفصلة عن هذه المحاضرة المهمة والخطيرة في فهم علاقة تفاصيل المشروع بالمخططات التي نفذت على الأرض ومستقبل التفكير الاستراتيجي الصهيوني. يقول آفي ديختر حول الدور الإسرائيلي في العراق: لقد حققنا في العراق أكثر مما خططنا وتوقعنا - -إن تحييد العراق عن طريق تكريس أوضاعه الحالية شكّل أهمية إستراتيجية للأمن الصهيوني -إن العراق وقد تلاشى كقوة عسكرية وكبلد متحد فخيارنا الاستراتيجي بقاؤه مجزّأ. -هدفنا الإستراتيجي هو عدم السماح لهذا البلد أن يعود إلى ممارسة دور عربى واقليمى -ندعم دولة كردية مستقلة فى شمال العراق تسيطر على نفط كركوك وكردستان -وخيارنا الاستراتيجي النهائي هو أن العراق يجب أن يبقى مجزأ ومنقسماً ومعزولا داخليا بعيدا عن البيئة الإقليمية. إنّ هذا التفصيل في قضايا الوضع النهائي الذي سعت له تل أبيب وتحصلت على أكثر منه لم يكن ليحصل دون دور طهران الفعال خاصة في قضية التجزئة وتحقيق التدمير الكلي الذي كان حماس طهران من خلال ما نفذته على الأرض ضد ضباط القوات المسلحة العراقية وصناعتها التسليحية يزيد على تل أبيب وواشنطن ويعطينا كيف نفرز بالقطع بين الحرب الكلامية التي لم تتحول إلى مواجهة مباشرة وان بقيت بينهما كصراع منضبط وبين الموقف الذي حسمته تل أبيب من موقفها من خطورة القطر العراقي السابق ونزعته القومية المندفعة لتحرير فلسطين. هنا نحن لا نتحدث عن بربوغندا إعلامية تتصارع مع تل أبيب أو طهران ولكن عن اعترافات مثيرة معلنة أكد فيها الوزير ديختر أنّ تل أبيب كانت قريبة وملاصقة لحرب الاحتلال والتدمير التاريخية وعليه فان ابسط ما يقال بان ذلك العداء المتأجج للعراق الذي كانت تعلنه طهران متطابق مع حالة الفزع والجموح الإسرائيلية لتدمير الدولة العراقية والنظام . وان الخلطة التي نُفذت لتحقيق المشروع لا تزال الحاجة إليها بحسب تصريح المسئول الصهيوني فكيف بالإمكان أن يُلغي عاقل هذه الحقائق الضخمة ثم يترك ما حقق على الأرض فعليا وهو قائم بامتداده ويقدم لنا حروباً إعلامية لتبرئة طهران لا يمكن أن يقبلها أي محلل سياسي لتواجه دلائل التحالف الاستراتيجي بين طهران وتل أبيب ولو كان ذلك في ساحة العراق وحسب , إذن القضية لم تعد الشيطان الأكبر وحسب بل هتافات الموت لإسرائيل التي تُرجمت عمليا الموت للعراق فهل تأذّت تل أبيب من الهتاف أم أنها حصدت فعل إيران في بغداد ؟.