فلنتفق أن التنشئة الاجتماعية (المغلوطة) نوعان أحدهما بدراية وإرادة أحد الأبوين أو كليهما، ولا أقصد هنا بطبيعة الحال أنهما يتعمدان إساءة التربية لأبنائهم، فمن العبث أن نتصور ذلك، لكن قد يكون السبب التقصير أو الإهمال سمه ما شئت.. والآخر غير مقصود ومبعثه قلة الوعي التربوي الحميد، وبكلمة أخرى تدني مستوى الثقافة التربوية القويمة لدى الأبوين، ولعلي لا أبالغ إذا قلت إن الأخير أكثر ضررا من الأول، فكونك تعلم وعلى يقين أن ما تقوم به هو سلوك خاطئ وقد يترتب عليه سوء مآل التربية لأبنائك، قد يدفعك ذلك لترشيد سلوكك وعقلنته وإن بعد حين، لكن إذا كنت لا تعلم خطأ سلوكك تجاه أبنائك وتداعياته على مسيرة تربيتهم فتلك هي الإشكالية، وللإيضاح نسوق أحد الأمثلة وأزعم أنه يمارس في أغلب البيوت.. فنجد الأب حين يعاقب أحد أبنائه لخطأ ارتكبه تسارع الأم متوسلة أو ربما «متصدية» للأب لتحول دون معاقبة الابن أو البنت، ولا ريب أن الدافع هو حنان الأمومة فهي لم تقو على رؤية أحد أبنائها وقد ترقرقت عيناه من الدموع، في واقع الأمر لا يمكننا تجاهل عاطفة الأم، لا بل ونقدر شعورها ونتفهمه لكن ماذا لو علمنا وبصيغة أدق ماذا لو علمت الأم أن تدخلها قد يفسد تربية أبنائها من حيث لا تدري، وأن ضرر ذلك التصرف وسلبياته على الأبناء لا بل على الأسرة إجمالا أكثر بكثير من التقريع أو الضرب، فالابن أو البنت عندما يرون أمهم وقد هبت لنصرتهم سوف يعتقدون أنهم اضطهدوا من قبل والدهم، وقد ينسون أو يتناسون أنهم أخطأوا، وأبعد من ذلك فقد يتراءى لهم أن والدهم قاسي القلب ولا غرابة إن هم أخذتهم تصوراتهم المحدودة والقاصرة بأن والدهم يختلف عن بقية الآباء، الأمر الذي يجعلهم ينظرون له نظرة حنق وتوجس وربما كراهية، ناهيك عن أنهم قد يتطاولون عليه متوارين، وإن شئت متحامين خلف (مصدة) الأم، وهذا ليس بمستغرب فتدخل الأم يوحي لهم أنهم لا يستحقون هذا العقاب المجحف، هذا دون الحديث عما قد يحدث من خلاف وتصعيد بين الوالدين نتيجة تدخل الأم، ربما يتأجج ويصل إلى الضرب وربما الطلاق إذا ما استمرت الأم أو لنقل تمادت في تدخلها.. من جديد نفهم أن الأم تدفعها عاطفتها للتدخل، لكن يجب أن لا ينسيها ذلك أن الأب لا يقل عنها حبا لأبنائه، فضلا عن أنه لم يضربهم لمجرد الضرب بل لتأديبهم وتقويم سلوكهم، كما نتفهم أيضا أن بعض الآباء قد يقسون بعض الشيء على أبنائهم دون قصد منهم، كأن تكون العقوبة أكبر من جنس الخطأ، لكن هذا لا يبرر أو يسوغ تدخل الأم، فبمقدورها أن تبين ذلك للأب بعد أن ينتهي من عقابهم بعيدا عن الأبناء. بالمناسبة وحتى لا يشعر القارئ أو القارئة إن صح التعبير، أنني أحمل الأم وحدها وزر توسل ذلك السلوك، فقد يحصل العكس كأن يتدخل الأب في حال لجوء الأم لمعاقبة أحد الأبناء، لكن يبقى ذلك أقل بكثير من تدخل الأم، والسبب كما أسلفنا حنان الأم وعاطفتها. مطلق الأحوال يجب أن لا تجرنا عواطفنا وخوفنا المفرط على أبنائنا لتصرفات تتنافى وأصول التربية الصحيحة، عندها نكون قد وضعنا بأنفسنا العصا في عجلة التنشئة الاجتماعية القويمة.. وللحديث بقية. [email protected] a للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 229 مسافة ثم الرسالة