كانت أول علاقة مباشرة لي مع صوته عندما كتبت مقالا يشكو الأوضاع التي وصل إليها مستشفى الملك فيصل التخصصي في مدينة جدة، ورجوته أن يتدخل بما يمكنه، باعتباره من أكبر الداعمين للمستشفى ذلك اليوم، وقبل أن يستيقظ كثير من المسؤولين. فاجأني صوت الأمير عبد العزيز بن فهد بن عبد العزيز مؤكدا أنه سيبذل كل ما في وسعه من أجل أن يبقى المستشفى صرحا متميزا لخدمة المرضى، ثم تشعب الحديث في أكثر من موضوع لأكتشف عمق الثقافة التي يحملها هذا الأمير الشاب ويعبر عنها في حديثه الهادئ المتزن. رأيته في مناسبات رسمية، لكن لم تتح الفرصة للحديث معه مباشرة إلا أخيرا حين كنت ضمن مجموعة من الزملاء والزميلات في زيارة رسمية لفرنسا بدعوة من السفارة السعودية. وصلنا الخبر أن الأمير عبدالعزيز حريص على الالتقاء بنا، وأنه قد حدد الوقت والمكان. وذهبنا لنجده يأتي في موعده تماما، ويحرجنا نحن المتأنقين بالبدل الكاملة ببساطة زيه الشديدة، وإطلالته الأبسط، ورفعه الكلفة الوهمية التي كنا نعتقدها. بدأ حديثه بترحيب صادق ومؤثر، وتعبير عن اعتزازه بثقافة وطنه وما وصلت إليه من انتشار وما حازته من تقدير وتميز .. وبسلاسة غير متكلفة أمسك بخيط الحديث ليتنقل بنا بين تاريخ الأمم وحضاراتها مستشهدا بما حدث في هذه الحقبة أو تلك، وما فعله هؤلاء أو أولئك، وما يميز هذه الحضارة أو تلك.. ساعة أو أكثر وهذا الأمير الواعي المثقف المتواضع يشيع بيننا جوا خاصا من الاحترام والألفة والبساطة، وبعد أن جعلنا نأتلف في جلسة حميمة، استأذن بهدوء لارتباطه بموعد، ليتركنا ونحن أكثر تقديرا له، وأكثر إعجابا بتربية الكبار على التواضع والعلم والتهذيب. يقال إن من يقرأ التاريخ ويستوعبه يصبح أكثر وعيا بحاضره، وأكثر فهما لحركة مجتمعه، وأكثر تقديرا للناس. ولأن عبد العزيز بن فهد مغرم بقراءة التاريخ فإن ذلك قد أضاف له ميزة أخرى فريدة، جعلته نموذجا لا يملك الإنسان غير الإعجاب به والتقدير له. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 259 مسافة ثم الرسالة