أظن أن كل كاتب يحترم نفسه ويجل قلمه، لا بد له أن يتردد كثيرا وكثيرا جدا قبل أن يشرع في قول كلمة حق طيبة في شخص ذي مكانة عليا أو منصب حساس، وذلك لأن الناس غالبا سرعان ما يفسرون ما يقال بأنه نوع من التزلف والنفاق أو الاستجداء المبطن لتحقيق بعض المصالح الخاصة. وهذا ما يجعل الكاتب يقع في صراع بين المضي في قول الحق وإنصاف من يستحق الثناء والحمد، أو الالتزام بالصمت والوقوع في الظلم وبخس من يستحق الحمد حقه حماية للذات أن لا تتهم بأمر يسيء إليها. كان هذا شعوري وأنا أجلس أمام شاشة الكومبيوتر لأكتب كلمة حق عن الأمير عبد العزيز بن فهد، بعد أن التقيت به وعرفته عن قرب. فقد لفت نظري في شخصيته جوانب عدة جميلة ومؤثرة كنت أجهلها، وأكاد أجزم أن كثيرين غيري يجهلونها، لقد سمعت من قبل عن الأمير عبد العزيز بن فهد كثيرا من الحمد والثناء، والتقيت بأشخاص كثيرين تنطوي قلوبهم على حب خالص له، مما يوحي بقدرته على كسب القلوب، ولكن مع ذلك، يظل السماع مختلفا عن المشاهدة الفعلية، فعندما التقيت بسموه وجدت فيه أكثر مما سمعت، رأيت فيه إنسانا جادا حريصا على المصالح العامة قبل الخاصة، فاستوقفتني جديته. ورأيت فيه إنسانا مثقفا يتحدث عن حبه للقراءة وإقباله عليها فاستوقفني منه هذا الحب والحرص الجم على اكتساب المعرفة والتوسع في الاطلاع. فأنا أدرك تماما أنه ليس سهلا توفير الوقت للقراءة عندما يكون الإنسان غارقا في خضم المواعيد والأعمال، لكن الأمير رغم ذلك حريص على أن يخصص ست ساعات يوميا للقراءة في مواضيع جادة كالتاريخ والاقتصاد والعلاقات الدولية، إلى جانب متابعة المجلات والصحف اليومية، وهي قراءات تستنزف جهدا ذهنيا كبيرا، لكنه يمارس تلك الهواية بشغف ويقبل عليها باستمتاع رغم أنه ما زال شابا في مقتبل العمر يغلب على من هم في مثل سنه النفور من القراءات الجادة والشاقة. وحب سموه للقراءة والاطلاع جعله يحب مصاحبة المثقفين ويحيط نفسه بمجموعة من الأكاديميين والكتاب الذين يأنس إلى أحاديثهم ونقاشاتهم ويجد في أقوالهم أفكارا للتحليل والمناقشة والتعليق، معبرا بذلك عن مدى ما يحمله في نفسه من تقدير وحب للمعرفة وأهلها، معيدا سيرة الخليفة العباسي المأمون الذي اشتهر في التاريخ بحبه الشديد للمعرفة وتقديره الجم للعلماء والمفكرين. ليس هذا فحسب، وإنما أيضا عرف الأمير عبد العزيز أمده الله بالصحة والعافية، بشعوره الإنساني تجاه الآخرين وتعاطفه المستمر مع احتياجاتهم وتفاعله الصادق مع ما يصيبهم من خير أو شر، حتى بات الآخرون من حوله يرون فيه دائما ملاذا وملجأ ينصونه متى عدا عليهم الزمان أو عضهم الفقر بنابه، فيجدون قلبه الكبير مفتوحا لهم قبل باب بيته، وهو مع هذا كله قليل الكلام عن ذاته، فهو رغم ما يجري من الخير على يده ليس من أولئك الذين يسرفون في استعراض أعمالهم وتعداد إسهاماتهم، والتغني بما لهم من إنجازات يتباهون بها ويفاخرون. وحين يكون الإنسان يملك قوة الجاه والسلطة والمال، ومحاطا بالمساعدين والمرافقين الذين يأتمرون بأمره ويتراكضون لإرضائه، ثم تجده مع هذا لا يأبه لذلك كله ويمضي ليدير حياته في سكون وتواضع جم، يستمد الرضا والراحة من تلبية احتياجات الناس والتخفيف عنهم، هو بلا شك إنسان مختلف. فاكس 4555382-01 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة