تختزل منطقة تبوك في بطون أوديتها وعلى سفوح جبالها إرثا تاريخيا يعود لآلاف السنوات، منها ما اكتشف عن طريق الباحثين والمتخصصين في مجال الآثار، والبعض الآخر تم اكتشافه على أيدي هواة قادتهم المغامرة وحب الاستكشاف للعثور على نقوش ورسوم تعود لحقب زمنية غائرة. وأشار كتاب «آثار منطقة تبوك»، أن المنطقة اكتشفت فيها آثار من العصر الحجري المتوسط في مواقع: وادي الأخضر، وادي البقار، جبل روقان، منطقة قرية، وجبل اللوز. أما مواقع العصر الحجري المتأخر فتوجد في موقع مصيون ووادي ضم (شمال غرب تبوك)، وفي موقع كلوة (شمال شرق تبوك) على حدود المملكة والأردن، وإذا انتقلنا إلى العصر الحجري الحديث فتم اكتشاف آثار تدل عليه في جبل اليسري ووادي الأخضر ووادي ضم وقرية والعين. المواطن حمدان هويمل العطوي (أحد المهتمين باكتشاف الآثار بتبوك منذ ما يزيد على 20 عاما) أوضح أنه تمكن مع زميله عبدالله العطوي من اكتشاف رسومات ونقوش عديدة كان أبرزها رسومات يعتقد أنها تعود لأصحاب الكهف، ويتضح ذلك من خلال وجود رسومات مجموعة من الفتية وبجوارهم كلب ومايشبه الكهف، وبالقرب منهم آثار لمدينة بائدة، ونقش نفر لهيئة ملكة تحمل فأسا، ويتوقع أنها تمثل ملكة سبأ، حيث قرأ في أحد كتب الآثار أن ملكة سبأ، التي ورد ذكرها في القرآن، كانت ملكة لتجمع قبلي عربي في الشمال، ولم تكن ملكة على مملكة سبأ، التي قامت في جنوب شبه الجزيرة. كما ذكر الدكتور مسعد العطوي، رئيس النادي الأدبي في تبوك، في كتابه (تبوك المعاصرة والآثار من حولها)، أن سبأ ملكة كانت تحكم جماعة من السبأيين في العربية الشمالية ممن نزحوا إلى هذه المناطق منذ زمن بعيد وكونوا لهم مستوطنات سبأية في الأردن وأعالي الحجاز، وتشير الرواية الشعبية إلى أن منطقة روافة حكمتها امرأة والأمر ليس ببعيد، فهي جنوب بيت المقدس فيما يقارب 20 مرحلة وهي في متناول مسير الهدهد في رحلات سليمان جهة جنوبفلسطين والأردن، لذا فإن الرأي أن بلقيس في شمال الحجاز حول تبوك رأي له أهميته. ويعود حمدان العطوي، للتأكيد على أنه يأمل أن يقوم المختصون في مجال الآثار بزيارة هذه المواقع ودراستها، «إذا ثبت ما أشرنا إليه فإن ذلك سوف يغير الخريطة الأثرية والتاريخية للمنطقة»، فيما أوضح كل من محيا القثامي ومسعد الحارثي أن منطقة تبوك غنية بإرثها التاريخي والأثري الذي يعود لآلاف السنين، ولقد قاما مع بعض زملائهما بزيارة العديد من المواقع الأثرية المهمة، التي لم تكتشف من قبل وتعد ثروة جديدة تضاف لآثار المملكة، كما يمكن الاستفادة منها في تنشيط وتنمية السياحة في منطقة تبوك، وذكرا بأنه لو تم إنشاء متحف في تبوك فإن عدد الزوار له سيقدر بمئات الآلاف سنويا للتعرف على الآثار العريقة التي تحتضنها هذه المنطقة.