تنطلق غدا السبت قمة مجموعة العشرين في مدينة تورونتو الكندية، بمشاركة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز، الذي يبدأ اليوم زيارة رسمية لكندا تستمر أربعة أيام. وتعمل القمة على إعادة إطلاق عجلة التعاون الدولي بين الاقتصادات العالمية الكبرى، وإيجاد الحلول الناجعة للمشاكل الاقتصادية بغية تثبيت الاستقرار الاقتصادي العالمي، الذي اهتز بقوة نتيجة الأزمة المالية العالمية التي ما زال العالم يكافح من أجل تجاوز تأثيراتها. وتعول مجموعة العشرين على مشاركة المملكة في هذه القمة باعتبارها إحدى الدول الاقتصادية الفاعلة في الساحة العالمية، وقادرة على لعب دور كبير في المرحلة المقبلة، في الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي العالمي، خصوصا بعد تفاقم الأزمة اليونانية وظهور بوادر أزمات اقتصادية في عدد من الدول الأوروبية مثل إسبانيا وبولندا ورومانيا، على اعتبار أن الاقتصاد القوي والمتماسك يحتم على المملكة دورا كبيرا في المساهمة في إنقاذ الاقتصاد العالمي. واعتبر مختصون أن مشاركة المملكة في هذا المحفل الكبير تمثل دليلا ساطعا على مكانتها العالمية اقتصاديا، واعتبروا أن المقترح السعودي للقمة بخصوص إعادة النظر في مسؤولية صندوق النقد الدولي والعمل بمبدأ الشفافية، لاسيما في ما يخص الديون والمراجعة المالية للبنوك كل ثلاثة أشهر، يمثل الحل الجوهري والمنقذ للحيلولة دون تكرار الأزمة الاقتصادية التي ضربت الاقتصادات الدولية العام الماضي، مشيرين إلى أن دول العشرين تنظر إلى مثل هذه الاقتراح بإيجابية لما يمثل من حل لتجاوز الآثار السلبية التي أضرت بالاقتصاد العالمي. وشددوا على ضرورة تبني قمة العشرين مثل هذه الاقتراحات، خصوصا أن الشفافية تمثل طوق النجاة لحل الكثير من المشاكل، لأن هناك ثغرة كبيرة وخللا كبيرا يحمل في طياته الكثير من الخطورة، وبالتالي فإن قمة العشرين مطالبة بإعادة النظر في الإجراءات للحيلولة دون تكرار الأزمات الاقتصادية. إنقاذ الاقتصاد العالمي ورأى علي برمان عضو اللجنة التجارية بغرفة الشرقية، أن وجود المملكة في المحفل الاقتصادي الكبير لقمة العشرين دليل على مكانة المملكة اقتصاديا في ظل التكتلات الدولية، كما أن وجودها كدولة مسلمة يمثل العدد الكبير من المسلمين في العالم، معتبرا أن اختيارها لعضوية هذه المجموعة يمثل اعترافا دوليا بمرونة الاقتصاد السعودي و قوته و قدرته على تجاوز الأزمات الاقتصادية التي عرفها العالم خلال العام الماضي، مطالبا قادة مجموعة العشرين بمناقشة النظرة للمواطن السعودي ورجال الأعمال، من خلال تغيير النظرة الحالية كإرهابي واستبدالها بأنه فرد مساهم في إنقاذ الاقتصاد العالمي، مؤكدا أن المملكة كانت من الدول الأولى التي ساهمت في إعادة الاقتصاد العالمي للاستقرار عندما انهار، إذ لولا وجودها في قمة العشرين لاختفت دول كثيرة. وأشار إلى أن المواطن ورجال الأعمال السعوديين ما زالوا يعاملون في بعض الدول، التي ساهمت المملكة في إنقاذها، كإرهابيين سواء في آلية إصدار التأشيرات أو التعاملات المختلفة، متسائلا لماذا تتعامل تلك الدول بنوع من الازدواجية، فهي تنظر إلى المملكة كمنقذ للاقتصاد وفي الوقت نفسه تعامل المواطن السعودي كإرهابي. واعتبر أن مطالبة المملكة لقمة العشرين بوضع آلية جديدة لصندوق النقد الدولي واعتماد مبدأ الشفافية في التعاملات، يمثل حلا جوهريا في المرحلة المقبلة، مؤكدا أن أعضاء مجموعة العشرين لديهم القناعة التامة بضرورة تبني مثل هذه السياسات باعتبارها المنطلق نحو بناء سياسة اقتصادية جديدة تضع في اعتبارها تجاوز المرحلة السابقة والتأسيس لمرحلة جديدة تعتمد مبدأ الشفافية ميزانا في التعامل الاقتصادي العالمي، خصوصا أن اختفاء الشفافية يمثل مدخلا لإعادة الكرة مجددا، مؤكدا أن المملكة بحكم ثقلها الاقتصادي ملزمة وفقا للالتزام الدولي بتقديم الإعانة لصندوق النقد للمساهمة في إنقاذ الاقتصاد العالمي من الانهيار، خصوصا أن الانهيار سيخلف آثارا سلبية على جميع الدول. بارقة أمل بدوره أكد رجل الأعمال عبد العزيز التريكي أن مشاركة المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين في أعمال القمة يمثل اعترافا عالميا بقوة الاقتصاد السعودي، فالجميع ينظر إلى اقتصاد المملكة بنوع من الإعجاب، خصوصا أنها استطاعت النفاذ من تداعيات الأزمة الاقتصادية التي ضربت الاقتصاد العالمي العام الماضي، مشيرا إلى أن السياسة المالية الصارمة التي تنتهجها المملكة والمراقبة الجيدة من قبل مؤسسة النقد ساهمت في إنقاذ الاقتصاد الوطني من الانهيار الذي أصاب عددا من الاقتصادات العالمية، موضحا أن الجميع يجني ثمرة تلك السياسة البنكية الصارمة، فالشركات والأفراد كانوا يشتكون من الإجراءات البنكية في السنوات الماضية، بيد أن الأزمة الاقتصادية كشفت النظرة البعيدة للمملكة في حماية الاقتصاد من الهزات العالمية. واعتبر أن الحلول التي قدمتها المملكة للمرحلة المقبلة خصوصا بالنسبة إلى مسؤولية صندوق النقد الدولي والتشديد على مبدأ الشفافية يمثل بارقة أمل للاقتصاد العالمي، خصوصا أن المملكة تنطلق من تقييمها للأزمة الاقتصادية من قراءة دقيقة للواقع من جانب و من جانب آخر من واقع خبرتها في إدارة دفة الاقتصاد بما يحافظ على تماسكه في وجه الهزات الاقتصادية العنيفة، مشيرا إلى أنه شارك في اجتماعات صندوق النقد الدولي الذي عقد في أكتوبر الماضي في تركيا، حيث انصبت المناقشات حول أهمية تفعيل المؤسسات المصرفية في القيام بمسؤولياتها لإعادة الاستقرار الاقتصادي العالمي، وبالتالي فإن مطالبة المملكة بمبدأ الشفافية فيما يخص الديون يمثل عامل استقرار في المرحلة المقبلة، مشددا على أهمية اعتماد الشفافية مبدأ أساسيا في كل التعاملات، من أجل تقليل خطورة حدوث انتكاسة قوية.