مشاركة المملكة في قمة العشرين للمرة الثالثة خلال أقل من عامين، باعتبارها عضوًا فاعلاً ومؤثرًا في تلك المجموعة التي تمثل أكبر اقتصاديات العالم، يعكس أهميتها المتزايدة في الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي العالمي، ويقدم الإثبات على الدور المتوازن الذي تلعبه، خاصة على صعيد سياستها النفطية المعتدلة التي توازن فيها بين مصلحتها ومصلحة الدول المستهلكة، وعلى صعيد تلطيف الأجواء والتقريب بين وجهات النظر في القضايا الاقتصادية الخلافية التي تنشأ بين الدول خلال الأزمات المالية، وهو ما أمكن لمسه مؤخرًا في دورها للتوفيق بين دول المجموعة حيال خطط مواجهة الأزمة المالية العالمية في مرحلتها الراهنة، خاصة على صعيد الخلاف بين بعض الدول الأعضاء والولاياتالمتحدة حول خطط التقشف التي تتبناها ألمانيا وبريطانيا بشكل خاص في معالجة الأزمة، والتي تلقى معارضة من الولاياتالمتحدة التي تعتبر خطط تحفيز الاقتصاديات الأجدى في أسلوب المعالجة، في الوقت الذي تتبنى فيه المملكة موقفًا توافقيًا يقوم على أساس المعالجة الجذرية بهدف تخطي دول العالم لتداعيات هذه الأزمة، وضمان عدم تكرارها من خلال وضع آلية جديدة لصندوق النقد الدولي، واعتماد مبدأ الشفافية في التعاملات البنكية، وهي الآلية نفسها التي حرصت المملكة على تطبيقها في شقها الثاني على صعيد الداخل، وأصبحت تدعو إلى تطبيقها على الصعيد العالمي بعد أن أثبتت جدارتها كتجربة ناجحة جديرة بالاقتداء. مشاركة المملكة في قمة العشرين ممثلة بخادم الحرمين الشريفين، عدا كونه يمثل اعترافًا عالميًا بالدور الذي يبذله للحفاظ على متانة الاقتصاد السعودي، وإكسابه القدرة على امتصاص الأزمات المالية العالمية، من خلال خطط ومبادرات الإصلاح والتطوير التي تحتل الأولوية في أجندته الوطنية، هذه المشاركة الفعالة في قمة تورونتو اكتسبت أهميتها لعدة أسباب أولها تمثيله -رعاه الله- في تلك القمة للعالمين العربي والإسلامي، وثانيها ما يمثله في القمة بشخصيته القيادية المتميزة باعتباره صاحب المبادرات السياسية والاقتصادية والإصلاحية والإنسانية المعروفة على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية التي تهدف أساسًا إلى دعم السلام والأمن والاستقرار في المنطقة، وفي العالم بما يوفر البيئة المواتية التي يتحقق فيها الازدهار والرخاء لكافة شعوب العالم.