ما زال الفنان الشعبي حسن دردير، الشهير بلقب (مشقاص)، حاضرا في ذاكرة الناس رغم تباعد المسافات بين جيل الهواية والبدايات المتواضعة وبين جيل التقنية والفضائيات، الرجل الذي ظل يشكل ظاهرة فرح وترفيه وبوابة معالجة لهموم ومشاكل المجتمع، شغلته الدنيا في هموم قضائية ومشاكل صحية وتكالبت عليه ظروف الزمن فأضحى حبيس الحركة جسديا، لكنه ما زال يسبح في فضاءات النكتة والكلمة الشعبية وذكريات الأمس الجميل، تأثر كثيرا عندما نكأت جرح علاقته الغائر مع رفيق دربه لطفي زيني -رحمه الله-، وأعلن تنازله ومسامحته له في ما بينهما من حقوق مالية سابقة. مشقاص الذي أوقف فيلمه الكرتوني بسبب الأصوات النسائية، هو نفسه الذي يرفض اليوم قيام ابنته الفنانة التشكيلية برسم الرؤوس في أعمالها اتباعا للنص الشرعي. أكد لي أحقيته بكلمات الأغنية الوطنية الشهيرة (وطني الحبيب) نافيا ادعاء الشاعر مصطفى بليلة بنسبتها له. طرقت بابه الموجع مع العقار الذي أودى بعلاقته مع أعز أصدقائه، فجاءتني آهاته متألمة من الظلم الذي تعرض له في المحاكم وإفلاس مشاريعه وطعنة المجن التي تعرض لها من وكيل أعماله. سألته عن غياب أعماله عن شاشة التلفزيون فنظر إلي باسما وقال: يكون في علمك أن أعمالي سبقت فكر التلفزيون وما زالت تقدمية الطرح حتى هذه اللحظة، لكنني شغلت عن تقديم الجديد بعد أن تباطأت حركتي فعندي أربع فقرات في الظهر سبق تثبيتها وعادت الآن بحاجة إلى التثبيت والتوسيع وأمامي سكة سفر للعلاج أرجو أن أعود منها بخير.. مشقاص عاش حياة عصامية تقلب فيها على مواجع اليتم والحاجة، حتى أصبح اليوم جزءا من ذاكرة الناس وهو يسير على عكاز ويغالب عثرات الزمن الصعب.. ويسرد بداياته قائلا: ولدت في سوق الحبابة في المدينةالمنورة، أمام دكان الخربوش وكان والدي يدلعني باسم (حسنكل) ولكن أراد الله سبحانه وتعالى أن يغادرنا سريعا ليتركنا أنا وأمي وخمسة إخوة (ولدان وثلاث بنات) فاضطرت أمي لتشغيلي على مبسط العيش عند الفران عبدالكريم المصري وعمري 5 سنوات. كنت أبيع العيش وآكل منه ويغلبني النوم فأنام، وعندما يأتي الزبائن وأنا نائم يأخذون ما يريدون من العيش ويتركون قيمته في الصندوق وفي آخر اليوم يأتي صاحب الفرن ويعطيني أجرتي وهي ثلاثة ريالات وستة أرغفة، ثم عملت صبيا عند نجار وصايغ وصاحب عقل، وكانت أجرتي ثلاثة ريالات يوميا أيضا، وقبل أن أكمل السادسة ألحقتني أمي بالكتاب، حيث كنت أدرس في الصباح وأعمل في العصر، ثم التحقت بالمدرسة الصناعية في جدة بعد أن أقنعت الوالدة بالسكن في المدرسة نفسها. ركزت رغبتي الأولى في أن أكون سباكا، لكنني وجدت نفسي مندفعا للتمثيل في مسرح المدرسة وبدأت المشاركة في مسرحية اسمها (حب المال)، وعندما لم يجدوا من يقوم بأدوار المسرحية قمت أنا بأدوارها الأربعة؛ وهي دور البخيل والشحات والحرامي والعالم، وعرفت في ذلك الوقت بالخدع في المسرح فأقوم بالدور الأول وأخرج سريعا لتبديل الملابس للدور الثاني، بينما يجلس مكان الشخصية الأولى (دوبلير) يعطي ظهره للجمهور. بعد تخرجي، عملت في المكتب الخاص في وزارة المالية في الرياض عام 1375ه، حيث سعى لتوظيفي فاعل خير، ولم أمكث طويلا فعدت إلى جدة للعمل في قسم إحصاء الجمارك بالتنسيق مع المكتب الخاص في وزارة المالية، وكان من حسن حظي أن موقع القسم الذي انتقلت للعمل فيه إلى جوار مبنى الإذاعة في ذلك الوقت، فتقدمت إلى عباس غزاوي وبدأت أتدرب على التمثيل بجمل قصيرة وكانت تستهويني في تلك الفترة الرغبة في أن أكون عازف قانون مثل (محمد عبده صالح) المصري العازف في فرقة أم كلثوم وتعلمت السلم الموسيقي مع (مصطفى حمودة) الذي عرفني به (عبد القادر حلواني) مدرس موسيقى الحرس الوطني آنذاك وأتقنت عزف أغنيتي (ياحبيبي يا أخويا) و(يما القمر عالباب).. لكن عدلت عن هذا عندما ضحك عليّ مصطفى حمودة قبل مغادرته المملكة وأخبرني أنه مسافر لإحضار آلات موسيقية للحرس، فأعطيته مبالغ لإحضار آلات لفرقة موسيقية ثم اتضح لي أنه غادر بلا عودة فشعرت بنوع من الإحباط وقلت (الخيرة في ما اختاره الله) فلم يكن يسمح بالموسيقى إلا لأداء السلام الملكي. ثم اشتركت في برنامج أسبوعي إذاعي من إخراج عباس فائق غزاوي بعنوان (دنيا) لمعالجة المواضيع الاجتماعية، وشاركت في أول مسلسل وطني في التلفزيون بعنوان (مشقاص خدمات عامة) وهو عبارة عن دراما كوميدية بمواضيع اجتماعية وشاركني المذيع سبأ باهبري بدور ابن لي اسمه (شقص) وبعدها انطلقت. • من الذي اكتشف ميولك للمونولوج؟ حبي للمونولوج والترفيه عن الناس منطلق من معاناتي أصلا، ثم جاء الشيخ جميل الحجيلان مدير عام مديرية الإذاعة والصحافة والنشر في تلك الفترة فوجهني لهذا الفن، ففي أحد الأيام بعد مسرحية العازب ناداني في مكتبه في شارع المطار القديم، وقال لي: يا مشقاص هذه أغنية طلال مداح (حبك سباني) ونريدك أن تقلب كلامها فأجلس مع حمدان صدقة فأصبحت الأغنية «حبك سبانخ وأنا ريحتي بصل» فأعجبته كثيرا وتكررت مع (يا نجم يا ثائر) لتصبح «يا تاكسي يا طائر هدي السرعة لمية» ومن هنا عشقت المونولوج. • ونجحتم رغم غياب العنصر النسائي؟ ما قدمناه في الماضي يعتبر كما يقول المثل «ليمونة في بلد قرفانة»، فلم يكن لدينا هذا الجمهور العريض الذي يتابع الفن اليوم، ولكن كنا نعطي من قلوبنا ومالنا لنقدم أعمالا جيدة في حدود المتاح من إمكانيات تقنية ومادية وأيضا من جهة الحرية في الكتابة، ومن طريف المواقف التي تعرضنا لها في بداياتنا أننا اتصلنا بالكاتب الكبير أبوالسعود الإبياري الذي كان يقوم بتأليف أفلام الفنان إسماعيل ياسين آنذاك، وطلبنا منه تأليف مواضيع اجتماعية كوميدية لنا للتنويع والتجديد فيما نقدمه.. لكن عندما علم بشرطنا المتمثل في عدم اشتراك العنصر النسائي قال بالكلمة الواحدة: «أنتم عباقرة فلا أتخيل أن أعمالا أبطالها من جنس واحد تصل إلى الجمهور وأنتم وصلتم بجدارة، وأنا أبارك نهجكم لكنني أعتذر عن الكتابة». • ومن وراء تسميتك ب(مشقاص)؟ في عام 1382ه، بدأ مدير عام مديرية الإذاعة الشيخ (جميل الحجيلان) والشيخ (عبد الله أبالخيل) بعمل مسرح الإذاعة على الهواء ومن ضمن البرنامج اسكتش فكاهي اجتماعي بعنوان (عزومة لرحيمي) يحتوي على دور لخادم أرادوا أن أقوم به.. كان هذا الخادم ساذجا وطيب القلب، كلما أراد عمل خير ينقلب إلى شر فاقترح المخرج الإذاعي الأستاذ (عادل جلال) أن يكون اسم شخصيتي مختلفا عن اسم (جمعان) الذي كان يجمعني في حلقات اجتماعية مع صديقي عبد الرحمن يغمور في برنامج (حمدان وجمعان).. فقال لطفي زيني إنه يتذكر صبيا صغيرا عند خاله في الطائف يشبه هذه الشخصية تماما اسمه مشقاص.. ومن يومها وأنا (مشقاص) إلى هذه اللحظة، ومعناها العود الذي تعلق عليه قربة الماء في البادية، والخشبة التي (تركز) بها الباب تسمى مشقاص، كما كانت تستخدم أيام زمان في البناء أحجار صغيرة لسد الثغرات بين الحجر تسمى (مشاقص)، ووصلة الزردة؛ أي الحديدة الصغيرة التي تظهر في رأس البندقية لتحديد الهدف وإصابته تدعى (المشقاص)، كما توجد في الربع الخالي قرية فيها أجمل ما خلق الله سبحانه وتعالى اسمها (المشقاص)، وكان الأمير خالد الفيصل قد اقترح علي الذهاب معه لزيارة القرية في أحد الأعوام، لكنني ترددت في الذهاب بعد أن أسر لي صديقي شاكر شكوري بوجود عقارب كثيرة في القرية، وقال لي: اعمل حسابك يابو المشاقيص إنك تقوم من نومك وتحت المخدة من 10 إلى 15 عقربة، فأبلغت الأمير خالد بانسحابي خوفا على عمري، فقد سبق لي أن ذقت لدغة العقرب مرة والمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين. • وما الذي فرق بين (تحفة ومشقاص) أشهر ثنائي تمثيلي وقلب صداقتكما إلى أشبه ما تكون بالعداوة؟ لم تصل الأمور إلى هذه الدرجة، فعلاقتي بلطفي زيني -رحمه الله- علاقة أسرية، ولا أظن أن هناك فرصة لتكرار ما قدمناه في شخصيتي تحفة ومشقاص، وأخي لطفي زيني كان في ذلك الوقت أعظم سيناريست؛ سواء في المملكة أو على مستوى الوطن العربي، وأنتجنا سويا أعمالا كثيرة منها إسكتش (عبارة طبيب) و(فندق المفاجآت) و(عمارة العجائب في تونس) من 34 حلقة؛ وهو عمل سياسي فكاهي اجتماعي من إخراج طارق ريري وشاركت في هذا العمل زوجتي الدكتورة سميرة سنبل، وكانت أول مشاركة لها في التمثيل، وبعدها تركت التمثيل للدراسة وحصلت على الدكتوراة في التاريخ السعودي. ثم أسسنا مسرح التلفزيون وكان معنا المخرج بشير مارديني وطارق ريري وعبد العزيز أبو النجا وعبد الله باجسير وسعد الفريح، واستمرت علاقتنا جيدة إلى أن تقاعدت من عمل الحكومة، فاتصل علي لطفي وكان عنده مكتب عقار فقال لي: إيش رأيك تأكل معي لقمة بالحلال من خلال بيع وشراء الأراضي بحيث توظف علاقتك بكبار الشخصيات فتحضر لنا الأراضي ونحن نقوم بتخطيطها وبيعها في المكتب ولك نسبة عشرة في المائة، فقلت الخيرة فيما اختاره الله، والحق يقال إن أول مخطط تعاملت فيه مع لطفي زيني كان حي النزهة، ووقتها كنت أعمل على مشروع وادي الزهور في أبها فلم يكن ممكنا أن أفتح مكتب عقار فتعاونت معه وكانت أول لقمة عيش بثراء واستمررت معه إلى أن جاءت لحظة الانفصال. • بسبب الأراضي؟ للأسف، وحدثت بسبب مخطط مصنع الأسمنت الذي أحضرته من شخصية كبيرة وتم بيعه على شرط ألا تباع القطع الواقعة على الشارع الرئيسي لرغبة صاحب الأرض، وفوجئت لحظة تسليم المبالغ لصاحب الأرض بقيام لطفي ببيع كل الأراضي بما فيها الواقعة على الشارع الرئيسي، مع أنه يعلم برغبة صاحب المخطط، وللأسف أنه حلف يمينا بأنه لا يعلم وهو يعلم -رحمه الله- فقررت من تلك اللحظة المفارقة في العمل معه وتباعدت المسافة بيننا. • كنتم تعملون في مكتب واحد وما عندك علم؟ أراد الله أن يطلبني لطفي في مسلسل (نقطة ضعف) لأقوم بدور أخو شرار بالبدوي؛ لأنه لا يستطيع القيام بالدور فوافقت وأخذت منه النص، وقال لي التصوير سيكون في ألمانيا، فأوصيت على ثياب محاريد من الطائف واشتريت بندقية (مقمع) وسافرت إلى ألمانيا للقيام بالدور، وعدت بعد فترة وحدث البيع في هذه الفترة تقريبا ولم أكن أعلم بشيء. • كم كانت الأرض تساوي في تلك الفترة؟ طبعا بيع المخطط عام 1394ه وكان الزبون يأتيني ليشتري الأرض فيسألني هل الأرض قريبة فأقول له: ما بينها وبين الشمس إلا شبر. وكانت مسافة سفر بالنسبة للناس، وسبحان الله في 35 سنة أصبحت الأرض التي بيعت في تلك الأيام ب23000 ريال تتجاوز قيمتها اليوم مليوني ريال، والمخطط الذي بيع ب110 ملايين ريال قيمته اليوم عشرة مليارات ريال. • ألم تتواصل معه خلال فترة مرضه؟ عندما مرض لطفي توسطت له لدى شخصية كبيرة ووافق على علاجه خارج المملكة، وعندما أبلغه الطبيب بضرورة العودة إلى المملكة واستكمال علاجه فيها عاد لطفي إلى جدة ومكث لمدة أسبوع ولم يعلمني فاتصلت عليه، فقال لي: كنت زعلان ورجعت، وبعدها سافرت أبها لمهمة عمل وبلغني خبر وفاته من صديق مصري عند عبادي الجوهر وهذا آخر العهد. • المعروف أنك سامحته فيما بينكما من مبالغ؟ هذا أقل واجب قدرت أعمله وهو يمثل تنازلي عن المتبقي من قيمة مشاركتي معه في إنشاء استديو في سوسة نقلناه من مصر عندما ساءت العلاقة مع العرب؛ إثر زيارة الرئيس السادات لإسرائيل، وكان لطفي مصرا على إقامة الأستديو في تونس بعد ورود الموافقة على إنشائه من الجهات المختصة، فقلت له إما أن نصور في السعودية ونختار بلدا ثانيا خلاف تونس لتصوير بقية المشاهد أو اعتبرني خارج الموضوع فأصر على رأيه فانفصلنا، وكنت قد دفعت مبلغ مليون ريال و80 ألف جنيه إسترليني أيضا فتحاسبنا وبقي من المبلغ 450 ألف ريال وهي التي سامحته فيها. • وما قصة خسارتك في مشروع وادي الزهور؟ إنت مصر تجعل لقاءنا «غم في غم».. الموضوع وما فيه أنني اخترت (أبها) لإنشاء مشروع زراعي صناعي باسم (مدينة زهور أبها) لزهور القطف والزينة ومصنع طائفي متطور للزيوت العطرية والمياه العطرية والخضروات والفواكه، وأنفقت على هذا المشروع ما يقارب 120 مليون ريال سعودي ذهبت (في التراب والحمد لله) من نضوب وقحط ماء، وأنقذني الملك فهد -رحمه الله- بعد أن خسرت وفلست عندما أمر بتحويل هذه الأرض الزراعية إلى مشروع عقاري حيث تم بيعها وتسديد الديون. • ولهذا أعلنت إفلاسك؟ أنا لا أعلن إفلاسي ما دام عندي أرض. • لكنك ظللت صديق المحاكم منذ ذلك الوقت؟ أنا غرقان في المحاكم لشوشتي وعايش فيها إلى اليوم بسبب استغلال بعض المغرضين لمروءتي وإيماني بأن كتاب الله أقوى من الكتابة بيننا. • تقصد مشاكلك مع وكيلك السابق؟ للأسف، إنه كان وكيلي الشرعي ومفوضا في كل شيء مقابل عشرة في المائة من مركز سنبل الذي أملكه، ثم عاودني برغبته في أن يكون له عشرة في المائة من الدخل الكامل فقلت له: أنت صديق وتستاهل وللأسف أننا لم نتفق فأعطيته حسابه وخرج من عندي فأصبحت عدوه بعد أن انفطم ورفع علي 12 قضية في المحاكم ويكتب في دعاواه رجل الأعمال ويكتب عني الفنان ولحساسية كلمة (الفنان) عند القضاة فقد عانيت كثيرا منهم فهم يتعاملون معي من رؤيتهم لهذه الكلمة. • الملاحظ أن أعمالك توقفت بعد ذلك وبدأت تتلاشى شخصية مشقاص من الذاكرة؟ هذا ليس صحيحا، فالأعمال التي أقدمها لا تموت في زمان أو مكان مثل «إنتي يا ست يا ست البيت، شوفي زوجك دا المسكين طول النهار زي العفريت، رايح جاي تعبان وحزين، يطلع من شغله تعبان، يسمع صراخك مع الصبيان، أمين بيبكي وأخته حنان والخادمة جالسة في الدرجان) وفي تلك الفترة من عام 1966م لم تكن هناك خادمات بل جواري فأعمالي تقدمية وتصلح لأي وقت. • إذن، لماذا رفضت الإذاعة والتلفزيون أعمالك الأخيرة؟ لعلمك، فأنا لم أتوقف عن المساهمة الإعلامية إلا في السنوات السبع الأخيرة بسبب مرضي في فقرات الظهر التي استدعت إجراء عمليتين سابقتين وعملية ثالثة ستتم في القريب العاجل على نفقة الدولة -حفظها الله-، وكل أعمالي مدروسة ومتفق عليها وتتعايش مع مشاكل المجتمع من أيام تحفة ومشقاص وحمدان وجمعان مع عبد الرحمن يغمور إلى آخر عمل أنجزته عام 1423ه بعنوان (مواضيع اجتماعية) وسوف ينزل للسوق قريبا. • قدمت عملا وطنيا ورفض؟ قدمت عملا وطنيا مدته 22 دقيقة فقالوا: إنه عمل طويل وهذا سبب رفضه فقط. • وهل ما زال هناك أمل في عرض أول فيلم كرتون عربي عملته مع صفاء أبوالسعود أم فاته قطار الزمن؟ هذا الفيلم كلفني 12 مليون ريال وتمت بموافقة الدكتور محمد عبده يماني على عمل كرتون عربي سعودي، ووقتها لم يكن يوجد من أفلام كرتونية إلا (باباي) واستساغ معاليه الفكرة على أن تتحمل الوزارة الثلثين ومشقاص الثلث ويسوق في آن واحد، وبعد الموافقة على الشكل والفكرة التي عملها اللواء عصمت الحبروك في الجيش المصري واستعان بأربعة أطلسات واستمر العمل فيه لمدة سنتين وتم تقديمه عن 34 دولة في العالم على أساس أن يكون فوازير ومعلومات عامة وتم تسليم العمل، فوجئنا بتغير الوزير وجاء وزير آخر فسئلت عن التعميد، فقلت إن الوزير السابق شرح على المعاملة بأن تتحمل الوزارة الثلثين، فبحثوا ولم يجدوا شيئا فساعدني الوزير علي الشاعر بتعيين مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك لدول الخليج العربي لتقييم العمل، فتم تقييمه بقيمة 762 ألف ريال فقط وبعد أربع سنوات من التقييم وافقت على عرضه، وللأسف عرض الجزء الثاني قبل الأول ثم عرض الأول بعد الثاني وبعد الحلقة الثالثة تم إيقافه للاعتراض على الصوت النسائي الغنائي للفنانة صفاء أبوالسعود التي شاركت بلهجتها المصرية وأنا بلهجتي السعودية التي لن أتخلى عنها أبدا وتم تغريمنا ماليا. • لكنك توسعت في المشاركة بعدها مع الفنانين المصريين؟ نعم، وشاركت الزملاء من مصر الشقيقة في أعمال مشتركة كثيرة جمعتني بعمالقة الفن أمثال: محمود المليجي ومحسن سرحان وفريد شوقي وسمير ولي الدين -رحمهم الله جميعا- وأيضا الفنانة أمينة رزق وسميحة أيوب وفاطمة مظهر وعفاف شعيب وتيسير فهمي. والجميل في هذه المشاركة أن كل ممثل كان يؤدي دوره بلهجته، بينما للأسف اليوم أكثر الزملاء يمثلون بلهجات مختلفة وهذا أعتبره نوعا من عدم الوفاء ألاحظه حتى في الغناء ولا أعرف لماذا؟. • اللي أعرفه أنه جاءتك عروض لشراء الفيلم ورفضتها؟ طبعا أرفضها، وتصور أن أفضل عرض جاءني من جهة إعلامية لشراء العمل لايتجاوز 1000 دولار للحلقة الواحدة مع أن الدقيقة كلفتني 4700 جنيه إسترليني ما بين القاهرة ولندن فأوقفته من طرفي، وما زال حبيس الأدراج حتى الآن. • على فكرة، ما مدى صحة أنكم صنعتم عبادي الجوهر لمحاربة محمد عبده في تلك الفترة؟ هذا الكلام ما يقدر عليه لا حسن دردير ولا لطفي زيني والمسألة اجتهاد من كل شخص، وما حدث أنني كنت متحمسا لإخراج أول أسطوانة على حسابي عن طريق استديو أنشأته لبيع الأشرطة اسميته (دنانير مشقاص) بهدف التخلص من جشع البائعين فقال لي لطفي زيني: خلينا نسجل لعبادي الجوهر أولا، وفعلا نفذنا الفكرة في بيروت وبعد ما سجلنا أكثر من أغنية من بينها (يا غزال) وكنا في بيروت متجهين لليونان فسمعنا بانتهاء عهد الاسطوانات وخروج الكاسيت فتوقفت الفكرة. • كان بإمكانك أن تتعاون مع محمد عبده الأشهر مع طلال في حينها؟ تعاونت مع محمد عبده في فوازير السمسمية في رمضان لأول مرة التي أعدها بابا طاهر زمخشري -رحمه الله- في الثمانينيات الهجرية، أما طلال مداح -رحمه الله- فكان أول ظهور له في أغنية (وردك يا زارع الورد) من خلال مسرح التلفزيون. • لكن يبدو أنك طلالي بدليل إهدائك أغنية وطني الحبيب له؟ لا والله فأنا لا أفرق بين طلال ومحمد عبده وكلاهما عينان في رأس، ولكن ظروف الأغنية جاءت من نصيب طلال عندما تعرفت عليه عند أمين يحيى، شقيق الفنانة توحة ورئيس فرقة النجوم وكان مقرهما تحت بيتنا في حارة العمارية، فغنى مع عبد الله محمد وطارق عبدالحكيم وحيدر فكري ووحيد زبيدي في مناسبة جلوس الملك سعود، وعندما طلب مني المشاركة في المناسبة نفسها بمشاركة كنت مجرد مونولوجست لا أحفظ إلا نشيد العازب الذي قدمته كأول عمل لي في مسرح التلفزيون في عام 1382 ه الذي يقول: الله الله لو فكرنا وقدرنا وخلينا المهر ألف ريال كان كل واحد يتزوج ويعيش مرتاح البال ولم يكن مناسبا، فقررت تحويل كلمات أغنية كنت قد كتبتها تغزلا وحبا في ابنة الجيران «روحي وما ملكت يداي فداءها.. فلانة وما أحب سواءها) لتكون هي أغنية وطني الحبيب بتصرف، وقد وجه الشيخ جميل الحجيلان كلا من حسن صيرفي والأستاذ حمام وحسن الطوخي بتنقيحها ومعهم صديقي مصطفى بليلة وكانت معدة بالطريقة البلدي فغيرها إلى وطني الحبيب بلغة عربية فصحى فأعطيتها لأمين يحيى لكي يلحنها فسمع دندندتها طلال فأستأذنني في غنائها فكانت الساعة المباركة. • لكن مصطفى بليلة يقول إنها من كلماته؟ في تلك الفترة التي ادعى فيها أخرجت كلماتها لعباس فائق غزاوي فعمل لجنة وقال الشيخ جميل لا يذاع اسمي ولا اسم مصطفى بليلة، ولعلمك فقد طلب مني مصطفى بليلة وكان قادما لتوه من إيطاليا وليس لديه دخل أن أوافق على أن يأخذ دخل الأغنية من توزيعات الشرق التي كانت تقوم بالتسجيل وتعطيني على الأغنية من 500 إلى 1000 ريال فوافقت. • أحببت أن أعرف لماذا منعت ابنتك من إقامة معارض تشكيلية مع أنها فنانة قديرة؟ لم أمنعها، إنما طلبت منها وبقناعتها ألا ترسم صورا برأس لحرمتها شرعا، فتوقفت وجزاها الله خيرا.