كتبت منذ عشر سنوات مقالا أحذر فيه من التطرف النسائي في المجتمع السعودي. فقد كنت حينها رئيسا لتحرير مجلة «سيدتي»، وكثيرا ما تلقيت كما من الرسائل العنيفة إن جازت التسمية من سيدات سعوديات ينتقدن فيها اختيار فتاة لتكون غلاف العدد. كان النقد يأتي بسبب ما تراه المنتقدات من انتقاص في الحشمة وخروج عن ثقافة المجتمع الدينية من مجرد صورة لفتاة لا ترى شيئا حاسرا عن جسمها. هذه المبالغة في النقد من صور لا تحمل أية إثارة جعلتني أرى بذور تطرف تكبر وراء الحوائط العالية. وقد تأكد صحة ما ذهبت إليه مع الأخبار الأخيرة التي كشفت عن اعتماد القاعدة على المرأة في الأعمال اللوجستية في صورة دعم مادي أو معنوي من خلال الترويج عبر النت. عزت بعض وسائل الإعلام الأمر إلى إفلاس القاعدة مع الضربات الأمنية الموجعة، وأنا أتفق مع هذه النظرة، لكن يجب أيضا أن نبحث عن ما يدفع المرأة إلى التطرف. الأسباب وراء ذلك كثيرة، وقد قرأت من فند هذه الأسباب بشكل موضوعي فكان تهميش المرأة، وانصهارها المطلق في شخصية ولي أمرها على رأس القائمة. الإسلام حفظ للمرأة شخصيتها، لكن ثقافة المجتمع سلبتها منها. الإسلام أعطاها الحق في العلم والعمل، لكن المجتمع رفضها. الإسلام أكد أنها اللبنة في الأسرة وعماد المجتمع، لكن ثقافة الخوف الاجتماعي همشتها حتى باتت تابعة لا شريكة، وخادمة لا سيدة. عندما نقرأ ما قاله وزير التربية والتعليم السابق الدكتور الرشيد عن تهديد البعض له بالقتل بسبب ما قيل من قرارات اتخذت في شأن تعليم البنات في عهده، نستطيع أن نرى إلى أي مدى ينظر إلى المرأة في مجتمعنا السعودي. نحن باختصار جردناها من صفتها البشرية، مفترضين أنها يجب ألا تكون أكثر من آلة تتوجه كيفما نشاء لها أن تتوجه، فتتكلم متى سمحنا لها بالكلام، وتعمل متى سمحنا لها بالعمل، حتى لم يبق سوى أن نحدد لها متى تأكل متى تشرب ومتى تصفف شعرها. البشرية تتطور بالخطأ والصواب. فلا يوجد من لا يخطئ ولا يوجد من هو مصيب بالمطلق. ونحن إن كنا أخطأنا معها حتى الآن، وجردناها من صفات إنسانية هي حق لها، فمن حق التطور علينا، وحقها هي نفسها، أن نعيد لها ولو بعض ما سلبناه منها، أولها شخصيتها، وقراراتها، وبشريتها. إن لم نفعل ذلك، فلنا أن نتوقع جيشا من المتطرفات لا نعرف متى ولا أين ستصيبنا حرابه. [email protected] للتواصل إرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو زين 737701 تبدأ بالرمز 258 مسافة ثم الرسالة