من يتابع الخطاب الثقافي المحلي حول مسألة الخصوصية، يلفت نظره في ذلك الخطاب مسألتان: إحداهما أن الخطاب بنحو إلى جعل الخصوصية هي (الأصل) الذي يجب أن تتمحور بقية الأشياء حوله، وأن يتكيف كل شيء ليتلاءم معه. وحسب هذا المفهوم، فإن مجاراة الخصوصية صارت في خطابنا الثقافي هدفا بارزا في حد ذاته، وهو هدف يقدم أحيانا على المصلحة العامة. وعندما يجعل الخطاب الثقافي الخصوصية هي الأصل الذي تخضع لمجاراته بقية الأشياء، فإن ذلك يعني عنده أمرين: أحدهما، أنه يرى الخصوصية شيئا ثابتا لا يمكن تغييره وتكييفه. والآخر، أن مجاراة الخصوصية أمر حتمي لا بد منه. لكن الخطاب يغفل الحديث عن هذين الأمرين، هو لا يجيب على أي منهما، فهو لا يخبرنا ما الذي يعطي للخصوصية ذلك الثبات ويلبسها تلك الصلابة؟ أو لم تعد مجاراة الخصوصية أمرا ملزما؟ والمسألة الثانية هي أن الخطاب الثقافي وهو يتناول الخصوصية لم يتفق على ماهيتها، ولم يبين إن كانت الخصوصية التي يعنيها هي ثقافة المجتمع العامة نفسها، أو أنها تمثل شيئا آخر مختلفا؟ وغني عن القول، إن كانت الخصوصية مجرد اسم مرادف للثقافة المجتمعية، فإنه ينطبق عليها ما ينطبق على ثقافة المجتمع عموما، ويتوقع أن تعامل كما تعامل تلك الثقافة، وهذا يعني أن الخصوصية مثلها مثل ثقافة المجتمع ليست كلها خيرا وليس كل ما تنحو إليه من أفكار ومعتقدات وقيم هو طيب خال من الشر، وكما أن ثقافة المجتمع في حاجة مستمرة إلى التهذيب والتنقية، فإن الخصوصية هي أيضا يمكن أن يطبق عليها ذلك. إلا أننا مع الأسف، نتطرف أحيانا في خطابنا الثقافي فننادى بإبقاء أمر من الأمور ونصر عليه حتى وإن بدا غير صحيح أو شاذ، لمجرد أنه من متطلبات الخصوصية، حيث كادت الخصوصية تصير (دينا) آخر إلى جانب الدين، رغم ما يقال ويردد دائما من أن الالتزام بالتعاليم الشرعية هو (وحده) ما يجب أن يكون المنهج الذي نتبعه. إن في شرع الله ما يفي بكل متطلبات الحياة والقيم الأخلاقية، لكن البعض ما زال يضيف إلى الدين دينا من عنده يطلق عليه من الأسماء ما يشاء ليقيد به شؤون الناس مما لم يقيده الدين وتكرهه نفسه. فاكس 4555382-01 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة