اتخذ المشاركات والمشاركون في اللقاء الوطني للحوار الفكري الثاني، مسارين في مقاربة العولمة في الخطاب الثقافي السعودي، الأول دعا إلى الاستفادة من العولمة، والثاني حذر من هيمنتها على منجزاتنا الثقافية، غير أن ثمة آراء متفرقة لاحظت وجود فرص للاستفادة من العولمة. واختتم اللقاء الوطني للحوار الفكري «الهوية والعولمة في الخطاب الثقافي»، جلساته أمس في الرياض، برئاسة صالح بن عبد الرحمن الحصين، ومشاركة نحو 70 من المثقفات والمثقفين والمفكرين والعلماء. تناولت المشاركات في اليوم الثاني من اللقاء الذي دعا إليه مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، موضوعين: «العولمة والمجتمع السعودي في الخطاب الثقافي»، و«مستقبل الخطاب الثقافي». وأكد نائب رئيس اللجنة الرئاسية في المركز الدكتور راشد الراجح، في افتتاح الجلسة الثالثة أن الدولة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وولي عهده الأمين، والنائب الثاني، تدعم نشر ثقافة الحوار وتعميقها في المجتمع، مشيدا بمداخلات المشاركين في جلسات اليوم الأول من اللقاء، التي أسهمت في إثراء المواضيع المعروضة للنقاش، مستشعرين مسؤوليتهم الثقافية والوطنية. خصوصية المجتمع وتوجه الراجح للمشاركات والمشاركين في الجلسة المخصصة لمناقشة العولمة والمجتمع السعودي في الخطاب الثقافي السعودي، قائلا: «إن العولمة أصبحت ظاهرة عالمية، وأن مجتمعنا له خصوصيته التي يحرص عليها ضمن ثوابته الوطنية، وهي العقيدة الإسلامية، والوحدة الوطنية، والمرجعية السياسية للبلاد». وزاد «على الرغم من تنوع المشاركات والآراء التي تضمنتها مداخلات الحضور، غير أن أغلب الآراء انحصرت في جانبين؛ الأول الذي يرى أن العولمة أصبحت واقعا ويجب الاستفادة منه، فيما يرى الطرف الآخر، أن العولمة الثقافية تعني هيمنة الثقافة الغربية على منجزاتنا الثقافية». العولمة والمتغيرات وفي اللقاء، رأى فيصل العوامي أن سبب تباين الآراء عند طرح موضوع العولمة والاختلاف حولها في خطابنا الثقافي يعكس مدى اللبس في مفهوم العولمة. ولاحظت الدكتورة منيرة القاسم في مداخلتها، أنه لا يمكن الحديث عن الخطاب الثقافي السعودي بمعزل عن العولمة والمتغيرات التي أحدثتها في العالم، وأنه يجب أن ندرك أننا لا نعيش بمعزل عن العالم، لذلك فإنه من الضروري الحفاظ على الهوية الثقافية والتمسك بها في ظل تلك المتغيرات. آليات حديثة ورأت نورة الشارخ، أن العولمة ليست ظاهرة جديدة على مجتمعنا المحلي، ولكن الجديد هو الآليات الحديثة للعولمة. وسجلت وفاء العمر في كلمتها «أنه في ظل تطور وسائل الاتصالات والتقدم التقني الذي نعيشه ويملكه الآخر، فإن تأثير الخطاب الثقافي المحلي ضعيف وحضوره محدود، وأن عولمة الثقافة أصبحت تعني السيطرة الثقافية». الخطاب الثقافي وتناول الدكتور علي الخشيبان الوضع الراهن في الخطاب الثقافي السعودي عند تناول موضوع العولمة، والهواجس التي تثار عند الحديث عن هذا الموضوع، ورأى أن الفرصة ما زالت قائمة لإدارة علاقة الخطاب الثقافي السعودي بمهنية واحترافية، وأن العولمة تعني الشراكة مع العالم، مضيفا «أن على الخطاب الثقافي السعودي أن يكون شريكا مؤثرا». وأشارت الدكتورة دلال الحربي في السياق نفسه، إلى أن العولمة ليست شارعا باتجاه واحد، وأن المجتمع المحلي لديه فرصة جيدة لطرح ثقافته وهويته على العالم، والاستفادة من مظاهر العولمة. الجلسة الرابعة الأمين العام للمركز فيصل بن عبد الرحمن بن معمر اعتبر في الجلسة الختامية، أن المجتمع المحلي بدأ يلمس نتائج وثمار الجهود التي يبذلها المركز في مجال الحوار، وترسيخ ثقافة الرأي والرأي الآخر، موضحا أن الخبرة التي أصبح يملكها المركز تؤهله لأن يكون قادرا على تحويل الآراء والأفكار التي يطرحها المشاركون في اللقاءات الوطنية إلى برامج لها مردودها على أرض الواقع. ولفت إلى أن المركز سيطرح في الفترة المقبلة العديد من المواضيع الفكرية على طاولة النقاش والحوار، لإيمان المركز أن الحوار هو الوسيلة الأفضل والبيئة الصحية لتجاوز الاختلاف. وتناولت الجلسة الرابعة التي رأسها ابن معمر، مستقبل الخطاب. وذكر في الجلسة طارق المبارك أن الإنترنت أصبح يهدد مستقبل الخطاب الثقافي ودور المثقف، وطالب هزاع العبدلي بالانفتاح على المنجزات الإنسانية والاستفادة من تجارب الآخرين والانخراط الواعي في عصر العلم والتقنية. كما طالب محمد المشوح بإعداد مدونة توضح ما الذي يجب أن يكون عليه الخطاب الثقافي السعودي. وفي ختام الجلسة الختامية استعرض نائب الأمين العام لمركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني الدكتور فهد بن سلطان السلطان، التقرير الختامي للقاء الوطني الثاني للحوار الفكري «الهوية والعولمة في الخطاب الثقافي السعودي».