تتعرض صورة الإسلام لتشويه كبير من قبل من يدعون العلم الشرعي، وللأسف تعظم المصيبة عندما يكون بعضهم من أساتذة الجامعات وأصحاب المؤهلات العلمية الرفيعة. أي إسلام هذا الذي يتحدثون عنه وقد أفرغوه من معاصرته وسماحته وقبوله للآخر، بكل تأكيد هناك من حاول إعادة ترتيب أولويات الدين وتعميم هذا الفكر على المجتمع حتى يكون كلام الأشخاص مقدما على الأصل والمعين الذي تستقى منه الأحكام. أصبح التدين المصطنع وادعاء العلم طريقا للشهرة، ويظهر هذا في الفتاوى المتشددة أو الخارجة عن العقل والمنطق، والتي جعلت الآخرين يسخرون منا ومن ديننا ويثبت هنا أن هؤلاء لا يمثلون الإسلام الحقيقي الذي لم يجد من يناصره ويظهره على حقيقته، مما جعل أنصاف المتعلمين يتشابهون مع التفجيريين في إساءتهم للدين والوطن. أما العلماء الأوائل رحمهم الله كانوا يحاولون الابتعاد عن الإفتاء قدر المستطاع، ولا يفتي أحدهم حتى يتثبت ويبالغ في التأكد لأنه يدرك حجم الأمانة الملقاة على عاتقه. أتذكر قصة رواها لي أحد الأشخاص حدثت في مسجد في إحدى القرى، حيث تأخر الإمام الراتب عن وقت الصلاة، وكان أحد جماعة المسجد الحاضرين موظفا متعلما وقدمه أحد الأشخاص لإمامتهم، إلا أن أحد كبار السن دفعه إلى الخلف رافضا إمامته لأنه يلبس غترة بيضاء!، مع أن لباس المسلمين الأوائل وعلى رأسهم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم كان البياض. وهذا يوضح مدى الخلط الذي حصل لدينا بين العادات والتقاليد وأحكام الدين. ولا يستبعد أن يأتي طالب علم مبتدئ ويصدر فتوى بتحريم إمامة لابس الغترة أو الشماغ أو تحريم أن يكون الإمام حاسر الرأس، بعد أن خرج علينا أستاذ شريعة في جامعة عريقة من جامعاتنا يحرم ارتداء زي التخرج لأن فيه تشبها بالكفار، ولم يدرك أن كل أمر من أمور دنيانا قد سبقنا له غير المسلمين. أعتقد جازما أنه حان الوقت لتقنين صدور الفتاوى، بحيث تتم محاسبة كل من يفتي بغير علم، خصوصا أن لدينا هيئة عالية المستوى مختصة في هذا المجال، لا نحتاج إلى كل من اشتد عوده وأضاف بجانب اسمه كلمة شيخ اعتمادا على المظهر الخارجي من دون علم أو فهم، نحتاج إلى أصوات عاقلة تعلو ولا تخفت وهي موجودة ولله الحمد. [email protected]