هل لدينا بيئة مهنية محفزة للأطباء الذين يعملون في مستشفياتنا الحكومية كي يكونوا مبدعين؟! وسؤال مختصر: هل لدينا أطباء مبدعون؟! من بين ألوف، كم طبيبا نطلق عليه لفظ مبدع في إنجازه لعمله اليومي؟! من بين ألوف الأطباء كم طبيبا متميزا.. ومن بين مئات المبدعين.. كم منهم طبيب؟! الملاحظ أننا في الشأن الاجتماعي قد نسمع أحيانا عن مبادرات هنا وهناك تدل على إنتاجية مختلفة، أو حضور مبهر، أو تدل على نشاط إبداعي، أو حتى حركة فاعلة غير جامدة ولا متجمدة في قالب محدد.. إلا بيئة الأطباء والعمل الطبي العلاجي، السكون الراكد يعم، والإنتاجية تسوء، ولا يظهر عليها التحسن في الإنجاز! كل ما نقرأه عن البيئة الطبية.. أخطاء الأطباء أو الأخطاء الطبية التي قد يرتكبها ممارسون للمهنة من غير الأطباء لكنها في النهاية تسمى أخطاء طبية! وما عدا ذلك لا نسمع شيئا، إلا إذا كانت التجاوزات المسماة أخلاقية، أو السؤال الذي بدأ يزعجنا لعدم ضرورته: هل يجوز الاختلاط بين الطبيبات بالأطباء؟ّ! لم تعد مشاغلنا وهمومنا واهتماماتنا تتجه صوب الإنجاز، صوب الأداء، صوب طبيعة العمل.. أصبحت تدور في فلك التوافه والأمور الهامشية، وأصبحنا نشهد ضمور الإبداع، ونحن لاهون بأسئلة لا داعي لها يطلقها فقط الفارغون والسطحيون الذين لا يجدون ما يشغلهم غير النبش في الطرقات عن العثرات والمطبات! اختفت حتى شكاوى الأطباء مثلما اختفى الحديث عن إبداعاتهم! قد يقول قائل: وما حاجة الطبيب إلى الإبداع؟ زمان كان الطبيب يجتهد كي يكون طبيبا بارعا حين يبذل قصارى جهوده في التشخيص السليم.. وكان صيت الطبيب تتناقله الأوساط المختلفة كلما نجح في علاج حالات غامضة لم يصل إلى فك لغزها غيره! أما اليوم لا يحتاج الطبيب إلى استعمال دماغه كثيرا، ولم يعد يفكر كيف يشخص المرض! أصبحت الفحوصات المخبرية المتطورة والأشعة المتنوعة كلها أدوات جاهزة تقدم التشخيص على طبق من ذهب، وما على الطبيب غير أن يكتب وصفته! ربما هذا صحيح لكن الطب ليس التشخيص فقط! وضمور الإبداع وراءه عدة أسباب، أهمها تحويل الطبيب الناجح إلى إداري فاشل! وأصبح كل طبيب بارع في مهنته يعيش حالة انتظار لمنصب يستحقه، ولا لوم على أطباء يبحثون عن فرصتهم الوظيفية اللامعة، لكن اللوم على نظام البيئة الطبية الطاردة للإبداع، حين يكون أسمى ما يشغل الطبيب أن يكون مديرا! مهنة الطب خسرت أطباء أكفاء، بينما الإدارة خسرت إداريين مهرة حين تم «التهجين» بين المهن! وأسكت ما دام الكلام لا يزال مباحا. للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 152 مسافة ثم الرسالة