شعرت أحلام بحرج شديد بعدما تبين لها أنها ستسافر من المدينةالمنورة إلى جدة وبجانبها رجلان على الكرسي المجاور لمقعدها خصوصا أنها كانت في زيارة لعمتها المقيمة في المدينة وتريدة العودة إلى جدة وليس معها محرم، استأذنت من المضيف الذي طلب من الرجل النهوض من المقعد وأجلسه في مقعد آخر وأتى بامرأة أخرى لتجلس بجانب أحلام عندها تنفست الصعداء وشعرت بارتياح عميق. هذا الموقف الإيجابي من الرجل قد يقابله موقف سلبي من رجال آخرين يرفضون القيام من أماكنهم لإجلاس النساء اللواتي يسافرن بدون محرم وهو ما اعتبره عميد كلية الشريعة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقا الدكتور سعود الفنيسان بقلة الأدب والاحترام والأخلاق من قبل الرجل المعارض. هذه القصص تتكرر يوميا وفي كل الطائرات حيث تتسبب بعض المسافرات بدون محارمهن بزحام وربكه داخل ممر الطائرات الأمر الذي يؤدي إلى إحراج لبعض الرجال وإلى ضيق المسافرين والمسافرات ووقوفهم في ممر الطائرة لفترة طويلة في انتظار جلوس المسافرة، «عكاظ» رصدت المتاعب التي تسببها بعض النساء المسافرات بدون محارمهن على الطائرة والرؤية الشرعية لها في سياق الاستطلاع التالي: مقاعد مخصصة تتحدث هدى محمد وهي إحدى المسافرات على الطائرة فتقول: «سافرت في أحد الأيام مع ابنتي على الطائرة وقمنا بحجز مقعدين بجانب بعضهما وعند صعودنا ودخولنا إلى الطائرة توجهنا إلى المقاعد فتفاجأنا بجلوس امرأتين بالمقاعد المخصصة لنا ورفضتا القيام من مكانهما فقمت على الفور بمحادثة المضيف الذي طلب مني التوجه إلى آخر الطائرة لأن السيدتين مسافرتان بدون محرم ولا تريدان الجلوس بجانب أي رجل». وتابعت هدى «طلب مني المضيف أن اجلس بجانب امرأة بالخلف وابنتي تجلس بجانب آخر من الطائرة فرفضت على الفور». وبينت هدى أنها طلبت من السيدتين القيام والجلوس في مكان آخر فرفضتا لأنهما لا تريدان أن تجلسان بجانب رجل آخر دون مراعاة منهما لتأخر الركاب الذين انتظروا خلفي حتى استطيع أن أجد مكانا لأجلس به أنا وابنتي. وأضافت «وبعد معاناة طويلة نهض رجل من مقعده وطلب مني الجلوس أنا وابنتي لأن المقعد الذي بجانبه لا يوجد به راكب فجلست على الفور لأني تفاجأت بأن الركاب ينتظرون بالعشرات خلفي وكان السبب تساهل أحد المضيفين في النظام وتعنت النساء المسافرات بدون محرم على الجلوس في أماكن الغير وكأن الطائرة ملك لهن». تنقل دائم أما المسافر أحمد عبد الله وهو رجل أعمال فوصف نفسه «بالمسكين»، ويقول «لقد تعودت على الانتقال من مقعد إلى آخر داخل الطائرة من أجل أن تجلس المرأة التي تسافر بدون محرم بجانب امرأة أخرى لأن هناك بعض المسافرين الذين يرفضون النهوض من أماكنهم من أجل جلوس امرأة أو امرأتين دون وجود رجل بجانبهما». ويخالفه الرأي محمد الصاعدي وهو معلم فيقول: «طلب مني أحد المضيفين في إحدى الرحلات أن أنهض من مكاني وأجلس بجانب رجل آخر في مؤخرة الطائرة حتى تستطيع امرأة أن تجلس في مكاني فرفضت وطلبت منها أن تجلس في المكان المخصص لها فرفعت صوتها وأخذت تأمرني أن اذهب إلى مكان آخر لأنها تريد الجلوس بمكاني لخلو المقعد الذي بجانبي»، وعلل سبب رفضه بالنهوض طريقة حديث المرأة الخالي من الأدب والاحترام، وأشار إلى أن رجلا حاول إقناعي فرفضت لتعامل المرأة معي بأسلوب غير لائق فتخلى الرجل عن كرسيه وأجلس المرأة بجوار زوجته وذهب وجلس بعيدا حتى تستطيع المرأة التي صعدت بدون محرم أن تجلس بجانب زوجته، وتساءل الصاعدي طالما أن المرأة تعي تماما أن للسفر مخاطر وصعوبات عليها فلماذا تسافر بدون محرم؟! وإذا كان لابد من سفرها فعليها أن تتحمل مشاق السفر وأن لا تتعب الآخرين معها؟! تخصيص مقاعد مطالبا بتخصيص مقاعد للنساء المسافرات بدون محرم لتنظيم العملية، ووافقه الرأي مهند إسحاق الذي طالب الخطوط السعودية بتنظيم العملية لأن المسافرات بدون محرم كما يرى ويؤكد يتعرضن لكثير من المتاعب والأذى في قضية الجلوس لذا فإن تخصيص المقاعد كفيل بإنهاء معاناتهن. وتمنت نسرين أن يتم هذا التنظيم خصوصا أن ظروفها تجبرها على السفر بشكل دائما دون وجود محرم حيث قالت «يعيش ابني مع والده في مدينة غير التي أعيش بها وبسبب ذلك فأنا دائما ما أسافر بالطائرة حتى استطيع رؤيته وأنا أعي تماما أنه لابد وأن يأتي مقعدي بجانب رجل لذلك أحرص أثناء حجزي على أن أطلب من موظف الحجز أن يحجز مقعدي بجانب امرأة ولو لم تكن هناك إمكانية على الجلوس بجانب امرأة فإن المضيفين بعد أن تمتلئ الطائرة يقومون بالبحث لي عن مكان بجانب امرأة أخرى ولم يصادف في يوم أن جلست بجانب رجل. أما سعاد فتختلف عن الأخريات حيث بينت أنه حتى ولو جاء مقعدها بجانب رجل فإنها تظل صامتة حتى يجلس جميع الركاب ويقفل باب الطائرة عندئذ تطلب من أحد المضيفين أو المضيفات أن يجدوا لها مقعدا آخر ودائما ماتلبى رغبتي. رأي المضيفين ويؤكد المضيفون العاملون على متن الطائرات تعرض النساء المسافرات بدون محرم للعديد من المشاكل حيث قال لؤي: «من واجبنا أن نضع النساء المسافرات بدون محرم بمقعد آخر في حال جاء مقعدها بجانب رجل ودائما ما نواجه مثل هذه الأمور على الطائرة ونحاول أن نضع لها حلولا سريعة حتى لا يتأخر باقي الركاب عن الجلوس على مقاعدهم المخصصة، ممتدحا موقف غالبية الرجال الذين يتركون مقاعدهم لتجلس النساء عليها، ولفت لؤي إلى أن هناك قلة لا يقبلون أن يتركوا مقعدهم فنحاول إيجاد مقعد للمسافرة. ويؤكد المضيف طارق حصول مشاكل للنساء المسافرات بسبب إصرار بعض الركاب على عدم النهوض من أماكنهم، مشيرا إلى أن السواد الأعظم من الرجال يستجيبون لهولاء النساء ويتركون أماكنهم حتى تستطيع المرأة المسافرة بدون محرم الجلوس بجانب امرأة أخرى أو الجلوس بدون وجود رجل بجانبها. حاجة ملحة وأجاز عميد كلية الشريعة السابق في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور سعود الفنيسان أن تسافر المرأة بدون محرم في الطائرة إذا كان في حدود الساعة إلى الساعتين وكانت مضطرة لذلك، مستثنيا ذلك من الحظر الذي فرضته الشريعة فلا يحل للمرأة إلا أن تسافر مع ذي محرم وفق ماجاءت به النصوص الشرعية. واعتبر الفنيسان الشخص الذي لا يتجاوب مع نداءات المضيفين بالنهوض للمرأة وإجلاسها مكانه في حال عدم وجود محرم معها بأنه من قلة المروءة والخلق والدين. وفصل الفنيسان قضية سفر المرأة بدون محرم من الناحية الشرعية بقوله «إذا كان مكان السفر طويلا ويجب أن تمر الطائرة بمحطة أو محطتين وتزيد عن يوم وليلة فلا يجوز». مبينا أن تحديد اليوم وليلة قد أفتى به من عدد المشايخ كالشيخ عبدالرزاق عفيفي رحمة الله وأيضا هناك رواية في مذهب الحنابلة أن المرأة تسافر في يوم وليلة وهو أقصر أيام السفر، مشددا على أن الأصل أن تسافر المرأة مع ذي محرم.