نحت المدرب الألماني أوتو ريهاغل، بمهارة ودقة فائقتين مشوار اليونان الناجح في كأس أوروبا 2004 الذي لم يكن حتى من المرشحين لبلوغ الدور الثاني لكنه توج بلقب تاريخي، وهو يسعى في جنوب أفريقيا إلى محو خيبة أمل النسخة الأوروبية الأخيرة 2008 عندما فقدت اليونان لقبها بثلاث هزائم متتالية في الدور الأول. يعتبر اليونانيون ريهاغل (71 عاما) بمثابة المنقذ لمنتخبهم الوطني، فبعد وصوله عام 2001 رفع اليونان من المركز 61 إلى المركز الثامن في تصنيف الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا»، فجدد الاتحاد المحلي عقده حتى مونديال 2010 ليصبح المدرب الأكثر استمرارا في مركزه . تمكن ريهاغل بفضل ذهنه الحاد وفكره الثاقب أن يلوي أذرعة المنتخبات الكبيرة بتكتيك ابتدعه في أوروبا 2004 يقتضي بناء خط دفاعي قوي، معززا بلاعبين قادرين على تنفيذ الهجمات المرتدة بسرعة فائقة، بالإضافة إلى نوعية الانضباط التي فرضها على اللاعبين والتي كانت مفقودة في المنتخبات السابقة. هذه الإستراتيجية «العنيدة» مكنت اليونان من تحقيق أكبر مفاجآت البطولات الكبيرة عندما تخلصت من فرنسا وتشيكيا والبرتغال في الأدوار الإقصائية بنتيجة مماثلة 1-0 لتحرز اليونان اللقب القاري الأول في تاريخها. لم تأت نهج ريهاغل الدفاعي من باب الصدفة، فاشتهر في مسيرته كمدافع جزار لا يرحم المهاجمين. تمكن «الملك اوتو»، وهو لقب أطلقه عليه اليونانيون نسبة إلى ملك بافاري حكم اليونان في القرن التاسع عشر، من صنع اسم له عندما استهل مسيرته التدريبية مع أندية ساربروكن، كيكرز اوفنباخ، أرمينيا بيليفلد نهاية سبعينات القرن الماضي، وهو حصل على لقب آخر في اليونان هو «ريهاكليس» نسبة الى هيراكليس ابن الإله زوس، لكنه شخصيا يفضل لقب «كيند در بوندسليغه» أي طفل الدوري الألماني. أحرز أوتو كاس ألمانيا مع فورتونا دوسلدورف، لينتقل إلى فيردر بريمن (1981-1995) حيث جعل من الفريق الأخضر والأبيض أحد أبرز الأندية في البوندسليغه، محرزا لقب الدوري مرتين (1988 و1993) والكأس مرتين (1991 و1994) وكأس الكؤوس الأوروبية 1992، فأصبح أحد أشهر المدربين في تاريخ ألمانيا بعد هلموت شون وأودو لاتيك وأوتمار هيتسفلد. لم تكن محطة المدرب الصلب مفرحة مع بايرن ميونيخ فدخل في مناكفات مع الإدارة التي اتهمته أنه رجعي ولا يجيد التعامل مع أجواء مدينة ميونيخ الراقية، فأقصي عن منصبه قبل 3 أسابيع على المباراة النهائية في مسابقة كأس الاتحاد الأوروبي 1996 ليحل بدلا منه فرانتز بكنباور، فتحول ريهاغل بعدها لمدة أربع سنوات إلى كايزرسلاوترن قاده فيها إلى لقب الدوري 1998، وأصبح أول لاعب ومدرب يشارك في أكثر من ألف مباراة في البوندسليغه.