كثيرا ما نعاني من مسألة الأولويات، وسبق أن خصصت مقالا قبل عدة أشهر عن هذه الإشكالية التي نجدها متفشية في شتى قطاعات المؤسسات الحكومية، وهو ما يكرس الثقافة الشكلانية والاهتمام بالمظهر على حساب الجوهر في مشاهدات اجتماعية وخدماتية كثيرة ومثيرة. فقبل أن ننشئ المجسمات الجمالية والدورات الواسعة، مثلا، يفترض أن نهتم بالبنية التحتية للشوارع من شبكات تصريف وخطوط مياه وهاتف وكهرباء وأية خدمات أخرى، والأمثلة كثيرة حول هذه المسألة. ولكن ما أعادني للكتابة عن هكذا موضوع هو تصريح لمساعد مدير عام الخطوط السعودية للعلاقات العامة عبدالله بن مشبب الأجهر أن الخطوط الجوية العربية السعودية وقعت أخيرا اتفاقية مع شركة أون إير الرائدة في توفير خدمة الهاتف المتحرك واتصالات الإنترنت المتقدمة على متن الطائرات، وذلك لمنح المسافرين من عملاء السعودية الحرية والمرونة في استخدام هواتفهم النقالة والكمبيوتر على متن طائراتها من طراز إيرباص 330. وهذه خطوة إيجابية، ولكني أعتقد أنه من الأولى توفير مقاعد لمسافري الرحلات المحلية الذين يضطرون لاختصار الزمان والمكان، ويمتطون صهوة هذه الخطوط لقضاء أعمالهم أو لمراجعة شؤونهم أو لعيادة مستشفيات أكثر تطورا وتخصصا من غيرها، كما يندرج تحت هذه الأولويات تجديد أبنية المطارات المتهالكة، وتسيير رحلات إضافية لفك اختناقات موسم الصيف والمواسم الدينية والسياحية، وإضافة كاونترات بموظفين يجيدون التعامل مع الجمهور باختلاف عقلياتهم وأنماط تفكيرهم! فالراكب أو المسافر يحلم بحجز مؤكد ومقعد شاغر وتعامل إنساني من قبل منسوبي الخطوط السعودية لا أكثر، ثم بعد ذلك يبحث عن وسائل الترفيه الأخرى كالإنترنت والجوال ومشاهدة الأفلام السينمائية. وفي تصريح آخر، يقول مسؤول في أمانة جدة إن الأمانة تعتزم فرض غرامة مالية على أية مغسلة ملابس يقوم فيها الزبون باستبدال ملابسه فيها، معللة ذلك بأنه منظر غير حضاري! ونحن نتفق مع هذا التوجه، ولكن أليس هناك أولويات يفترض أن جميع الأمانات قد طبقتها على أرض الواقع كترقيع حفر الشوارع، وملاحظة المبيعات الفاسدة والمنتهية صلاحيتها، وتفتيش المطاعم التي تبيع المأكولات وهي تفتقد لأدنى مقومات النظافة والاشتراطات الصحية! ألم يبق في شوراعنا وأسواقنا سوى هذا المنظر الخادش للذوق العام؟! أم أن المسألة لا تتجاوز حدود الشكل على حساب المضمون، ومنها أيضا توفير دخل إضافي على حساب المواطن المسكين! على حد علمي.. أن الدولة تصرف الأموال الطائلة على مشاريع تتولاها قيادات غير مؤهلة، لتظهر لنا كل تلك الأموال وقد ذهبت أدراج الرياح! وعلى حد حلمي.. أن هذه الوفرة المالية تحتاج دائما لإدارة حكيمة من قبل المؤسسات الحكومية لتنفيذ إرادة الملك عبدالله بجانب نظافة اليد وحسن النويا المقترنة بالضمائر الحية.. ويكفي. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 244مسافة ثم الرسالة