يعلم كل زوج أن مسؤولية كبرى مشتركة بين الزوج وزوجته، ولا يجوز أبدا له أن يتخلى عن هذه المسؤولية العظيمة التي حباهم وشرفهم الله بها بدعوى أنه ممثل فقط لوزارة المالية في البيت، يبذل ماله في تحقيق احتياج الأولاد من الطعام والشراب والثياب، وهو يتصور بذلك أنه قد قدم كل ما عليه تجاه زوجته وأولاده، ألا فليعلم الزوج المسلم العاقل أن تربية الأولاد مسؤولية بين الطرفين سيسأل عنها مع زوجته بين يدي الله عز وجل. المدرسة، المسجد لا تقل مسؤولياتهما عن البيت فهما يكملان المنظومة التربوية والتنشئة الصالحة مع البيت، لذا على مدرسينا في تعليمهم لأبنائنا، عليهم أن يزرعوا في الأبناء تعاليم الدين الحنيف الذي أمر بالوسطية في كل شيء، في العبادة والتعامل والتواصل مع الآخر وأن يكون خطابنا الديني بعيدا عن التشدد والتشنج، أن نكون أمة وسطا كما جاءت الآية في محكم التنزيل «وكذلك جعلناكم أمة وسطا»، هذا ينطبق على إمام المسجد والمحاضر في أي مكان وزمان، لنكون كما أمرنا الله ورسوله حيث جاءت آيات كثيرة وأحاديث نبوية شريفة كلها تصب في هذا الإطار الذي يفترض أن نكون عليه وأن نلتزم به وليس كل من اعتنق غير الإسلام فهو عدو لنا، بل أن نحاوره ونناقشه ونستمع إليه ليسود بلادنا وعالمنا المترامي الأطراف الحب والوئام. فمن أعظم حقوق الزوجة أن تشعر أن زوجها يحمل معها هم الأولاد وشؤونهم فكم تتحطم الزوجة وتتألم حينما يكبر أولادها ويستعصي عليها أن تقود زمامهم وتزداد المصيبة ويزداد همها إذا رأت الزوج قد انحرف وانصرف بعيدا عن هذه المسؤولية الضخمة وتركها تحمل هذا المهم الجسيم الثقيل، فيجب على كل زوج مسلم أن يعلم أن أولاده أمانة سيسأل عنها بين يدي الله تبارك وتعالى، كما ستسأل الزوجة، أتألم غاية الألم حينما يستقيل كثير من الآباء تربويا يستقيل من أبوة التربية من أبوة التوجيه من أبوة الحنان من أبوة الموعظة من أبوة النصح ويظن أن الأبوة فقط هي أنه كان سببا لهؤلاء الأولاد وهو لا يتخلف ولا يتأخر عن إطعامهم متناسيا أن التربية مسؤولية أسمى وأرفع من هذه الأمور بل تتعداها إلى ما هو أهم من ذلك بكثير ليست التربية أن تطعم الأولاد وتلبسهم الثياب الفاخرة.. بل أن تتابعهم وتقترب منهم وتقف على حاجاتهم وتعرف من يجالسون ومن يخالطون قبل أن يقع الفأس على الرأس بعدها لا ينفع الندم، نرى ونسمع ونقرأ ما تطالعنا به وسائل الإعلام المختلفة، كثير من أبنائنا ذهبوا ضحية قسوة الآباء بلا مبرر، عدم متابعتهم ومعرفة من يصاحبون، ركضوا خلف تلك الأبواق الواهية وخلف شعارات قادتهم إلى الهلاك والدمار، عصوا فيها والديهم وولي الأمر وخرجوا عليه، وقبل هذا عصوا ما جاءت به رسالة السماء والهدي النبوي الشريف وسلكوا طريق الشيطان وأعوانه.. تركوا طريق الخير والهدى وانزلقت أقدامهم خلف هؤلاء المضلين الغوغائيين فوقعوا في شر أعمالهم، قتلوا الأبرياء وسفكوا الدماء ودمروا الممتلكات بغير وجه حق، نالوا الخزي والعار وغضب العزيز الجبار، استحقوا جزاءهم في الدنيا بما اقترفت أيديهم الآثمة. محمود أحمد منشي