بحلول يوم السبت الماضي 15 مايو 2010م مر على قيام الكيان الصهيوني المغتصب لفلسطين اثنان وستون عاما، ومازال يتلقى الرعاية الغربية الكافية التي ترخص الغالي والنفيس من أموالها وأبنائها لحمايته وضمان تفوقه عسكريا وحضاريا على كافة دول الجوار. اثنان وستون عاما مرت على 700 ألف عربي طردوا من أراضيهم وفاء لوعد رئيس وزراء بريطاني يدعى بلفور أصدره سنة 1917م بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين وأوفى به خلفاؤه في حالة وفاء إنجليزي نادرة في كل تاريخ الإنجليز. اثنان وستون عاما والفلسطينيون يتناثرون في كل أنحاء العالم ويعاملون من القريب قبل الغريب معاملة الجلاد لا الضحية. لم أقل في جملتي السابقة فلسطيني بل قلت عربيا لأن الغرب وإسرائيل حين يشيرون إلى الفلسطينيين المهجرين يصرون على نسبتهم للعرب لا لأرضهم التي ولدوا عليها وعاش عليها آباؤهم وأجدادهم لآلاف السنين قبل أن يفر اليهود في ليلة لا قمر فيها من مصر إلى سيناء. وهم لا يشيرون إلى الفلسطينيين كعرب جزافا بل بغرض تمييع هويتهم وانتمائهم الوطني، فهم عرب يمكن أن يعيشوا في أية أرض عربية. وهذا صحيح فالأرض العربية هي أرض للفلسطينيين والعرب هم أهل للفلسطينيين ولكن الخلط الخبيث للأمور مرفوض جملة وتفصيلا من الفلسطينيين أنفسهم قبل باقي العرب. فحينما تقام دولة مغتصبة فوق دولة قائمة ويحل شعب غريب فوق شعب موجود بالطريقة التي حدثت في فلسطين فلا بد من التشبث بالتراب وبهوية التراب ولا شيء غير التراب أولا وقبل كل شيء. وهذا بالضبط ما فعله الفلسطينيون في الشتات حتى في حال اختلاف دياناتهم أو حصولهم على جنسيات دول أخرى. فتمر عليهم أجيال وأجيال، يصرون رغم تعاقبها على الانتساب لفلسطين ويحفظونها في قلوبهم وتهوي أفئدتهم إليها حتى بعد الممات. فمن كان يتصور أن إدوارد سعيد المفكر الأمريكي من أصل فلسطيني يوصي بأن يدفن رماده في مسقط رأسه في فلسطين وهو المفكر الذي احتفى به الغرب والعالم أجمع وفرش له السجاد الأحمر. هذا هو الشعب الفلسطيني المناضل الذي استشهد ياسر عرفات وهو يردد: هذا شعب الجبارين.. هذا شعب الجبارين. نعم إنه شعب الجبارين بنص القرآن الكريم وسيبقى كذلك وبكلمات أبي عمار (شاء من شاء وأبى من أبى). ومنذ إعلان إقامة الكيان الصهيوني سنة 1948م تنفيذا لوعد بلفور المشؤوم، رهن الغرب أمتنا العربية التي هي أمة الفلسطينيين بمصالح إسرائيل وبمصير إسرائيل فلا يجب أن ترقى قوتنا مجتمعين إلى مستوى قوة إسرائيل، ويجب أن لا تتخطى اقتصادياتنا عتبات تكنولوجية محددة تشكل خطا أحمر غير واضح المعالم قد يهدد التفوق النوعي لإسرائيل، وعلينا أن نتنازل دائما لإسرائيل، وإذا احتلت إسرائيل المزيد من أراضينا علينا أن نتفاوض معها لنرى القدر الذي يمكن أن تتكرم به علينا من أراضينا المحتلة، وإذا ما تضامنا وحاربناها وهزمناها كما حدث عام 1973م، يتحول نصرنا بقدرة قادر إلى هزيمة وتنصب خيمة المفاوضات على بعد 101 كلم من أكبر عاصمة عربية ولا تعاد أراضيها وحدها دون غيرها إلا بالمفاوضات وبمزيد من التنازلات، وحينما تحتل إسرائيل عاصمة عربية نجبر على نقل الذكور من الفلسطينيين إلى بلد عربي بعيد عن فلسطين مع كل الضمانات الدولية لحماية أهليهم، وبعد ذلك تذبح النساء والأطفال في المخيمات التي تبقى دون حماية ونحن نتفرج على مشاهد المذابح المتكررة بنفس الأعين البلهاء التي نتوارثها جيلا بعد جيل. وحينما تحدث انتفاضة يائسة لجيل لم يعاصر النكبة على أرض فلسطين تتحرك الآلة العسكرية الغربية الرهيبة من خلال إسرائيل لسحقه حتى تزرع في أعماقه نفس الرعب الذي زرعته في أعماق أجداده وتذيقه من نفس كأس المرارة التي ذاقوها فيتلفت حوله فلا يجد ناصرا ولا معينا بل يجد أمة نائمة لا يلبث أن يفقد أمله بها ويتغلغل اليأس في نفسه حتى يجبر على تغيير قناعاته ويقتنع بالرحيل أو بالاستمرار في مقاومة يعلم أنها غير مجدية في ظل انقسام داخلي فلسطيني أفرز حكاما ودولا يفرضون الولاء والطاعة لأشخاصهم أولا وقبل كل شيء حتى أصبح من يقاوم إسرائيل محل شبهة قد تودي به إلى الاعتقال والسجن أو حتى تسليمه لإسرائيل. والله لو مرت مثل هذه النكبات بشعب غير الشعب الفلسطيني وبأمة غير الأمة العربية لتلاشوا كما تلاشى الهنود الحمر في أمريكا المثل الأعلى لإسرائيل في تعاملها مع العرب، فهي تأمل أن تجيش العالم ضدهم في يوم من الأيام لتوجد مبررات الإبادة الجماعية التي يمكن أن تكرر فيها ما فعلته في دير ياسين وجنين وصبرا وشاتيلا وما فعله الأمريكان بإيعاز منها في الفلوجة ولكن على نطاق أوسع ومبرر ويحظى بالمساندة الغربية. ولربما يسخر البعض من ما قلته في الفقرة السابقة ولكن الغد لناظره قريب ما لم يعقد الله لهذه الأمة أمر رشد ويربط على قلوب زعمائها في وحدة درب ومصير غير قابلة للانفصام ولا للتنافر والمنازعات، وحينها فقط يمكن أن نتحدث عن فرض إرادتنا على من زرعوا إسرائيل خنجرا في قلوبنا وأضعفونا حتى تجرأت علينا كافة دول الجوار من فرس وكرد وحبش وسنغال وغيرهم وكأنما بلادنا العربية جسد ملقى لمن يريد أن ينهش من الضباع. تصحيح ورد في مقالتي الماضية «الملك الصالح خالد بن عبدالعزيز» خطأ في ترتيب اسم صاحبة السمو الملكي مديرة مؤسسة الملك خالد الخيرية، والصحيح أن اسمها «البندري بنت عبدالرحمن الفيصل بن عبدالعزيز» ووالدها هو الأمير عبدالرحمن الفيصل وهو القائد العسكري الذي عهد إليه بتطوير سلاح المدرعات وتنويع مصادر تسليحه في أواخر عهد والده الملك فيصل يرحمه الله ونجح في مهمته ثم تحول إلى الحياة المدنية ومازال يساهم في خدمة وطنه في القطاع الخاص، وفي الأعمال الخيرية إلى جانب إخوانه أبناء الفيصل من خلال مؤسسة الملك فيصل الخيرية. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 130 مسافة ثم الرسالة