كشفت التحاليل الطبية التي خضع لها رجل مصاب بحمى الوادي المتصدع قبل نحو ثلاثة أسابيع في منطقة نجران إلى أنه أصيب نتيجة أغنام دخلت إلى المملكة من اليمن. كان ذلك الكشف بمثابة الإنذار لما ستكون عليه الأمور في حال تفشي ذلك، وعلى الرغم من أن المحاجر الصحية توجد على المنافذ للتأكد من الأوضاع الصحية للأغنام إلا أن خطرا جاثما لا يمكن إغفاله متمثلا في عمليات تهريب أغنام واسعة تتم عن طريق الحدود مع اليمن من جهة منطقة جازان، حيث يتفنن رجال عصابات التهريب في أساليب إدخالها إلى البلاد التي تحدث عادة حينما يجن الليل على الجبال والأودية ويسود الظلام في الطرقات الوعرة وتتوقف مع بزوغ النهار عبر نقاط محددة سلفا بين المهربين والسماسرة. ويستغل المهربون مواقع الرعي المتاخمة للقرى السعودية في بعض المواقع المشتركة التي خصصت للرعي لجميع الرعاة من الدولتين حيث يتفق بعض المهربين من اليمن مع بعض المهربين من السعودية لخلط ودمج أغنامهم ومن ثم العودة بها إلى الأراضي السعودية ويلجأ أغلب المهربين لهذه الطريقة لسهولتها ونسبة نجاحها الكبيرة، حيث يصعب على رجال حرس الحدود أحيانا إيقاف جميع الرعاة وعد أغنامهم كلما قصدوا الرعي والعودة. ومن أهم المواقع الحدودية المخصصة لتهريب الأغنام والتي يستغلها المهربون مدينة حرض اليمنية الحدودية التي تعتبر نقطة التمركز لمهربي الأغنام إلى جانب الممرات والقرى المتاخمة للقرى السعودية وخاصة قرى الطوال والموسم، وهي: ميدي، الملاحيط، الخدور، الشريفية، المداحشة، المبخرة، الزرق والمنجارة، وكلها مناطق ذات طبيعة سهلية جبلية تكثر فيها المراعي والحدود المتداخلة بين البلدين. ويلعب غياب محجر صحي في منفذ الطوال ومنع استيراد المواشي من اليمن دورا مبرزا في تزايد وإصرار المهربين إلى إدخال مواشيهم المتنوعة بغرض بيعها، ووفقا لعدد من أهالي الطوال فإن غياب وجود المحجر في المنفذ فاقم المشكلة. وأوضح مدير عام الإدارة العامة للزراعة في منطقة جازان المهندس محمد بن شريم، أن صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن ناصر أمير منطقة جازان وجه كافة الإدارات الخدمية في المنطقة وعلى رأسها الزراعة والصحة والأمانة لمراقبة المواشي، والتأكد من خلوها من مرض حمى الوادي المتصدع، والتنسيق المتبادل فيما بينهم ونقل المعلومات أثناء اكتشاف حالات مصابة أو مشتبه بها، وتكثيف الجهود ومضاعفتها في عمليات الرش والمكافحة. مؤكدا في الوقت ذاته ظهور حالات مصابة بمرض حمى الوادي المتصدع بين المواشي المملوكة لأبناء المنطقة، وأن الحالات المصابة ظهرت في المواشي المهربة التي تم ضبطها عن طريق حرس الحدود. وكشف المهندس الشريم أنه منذ العام الماضي بدأت الإجراءات الاحترازية وبعد مضي ما يقارب 10سنوات على ظهور مرض المتصدع في منطقة جازان، وتم تكثيفها قبل شهرين لمواجهة موسم الأمطار وتجمعات مياه السيول والأودية والمستنقعات ومكافحة الفيروس بعمليات الرش والتحصين والاستقصاء. وأبان مدير عام الزراعة في جازان أنه توجد 47 فرقة لرش المبيدات في حظائر الأغنام والمواشي بشكل يومي وعلى فترتين، إضافة إلى الرش الجوي لرش المسطحات المائية الكبيرة وأماكن تجمع الصرف الصحي والأودية والمياه المجاورة للأشجار إلى جانب متابعة الفرق لعمليات التحصين والاستقصاء الوبائي التي تضم عددا من الأطباء البيطريين في جميع محافظات وقرى منطقة جازان، تضاف إليها فرق لمسح المصائد الضوئية لمعرفة أماكن تجمعات البعوض وأنواعه والتأكد من مدى خطورته حتى تتم إبادتها والقضاء عليها. وأشار المهندس الشريم إلى خلو مواشي منطقة جازان من مرض حمى الوادي المتصدع مؤكدا في الوقت نفسه أن إدارة الزراعة في المنطقة تتسلم من دوريات حرس الحدود عددا من المواشي المهربة بشكل يومي حتى يتم فحصها مخبريا ومن ثم يتم إعدامها والتخلص منها بطريقة صحية إذا ثبتت إصابتها، وذلك بالتعاون مع البلديات أما المواشي غير المصابة فيتم تحصينها وتسليمها للجمارك وحجرها لديهم لمدة شهر تقريبا وبيعها بعد ذلك في المزاد العلني. وحدد مدير زراعة جازان أعراض فيروس مرض حمى الوادي المتصدع: تظهر في الإنسان خلال فترة 10 أيام وقد تتجاوزها إلى 15 يوما كحد أقصى وأن برنامج مكافحة المرض يكون بالاستقصاء اليومي لمتابعة الوضع الوبائي الذي قد تظهر علاماته على المواشي، وفي حالة اكتشاف إصابتها بمرض يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة والرفع لإمارة المنطقة والجهات ذات العلاقة للتنسيق في اتخاذ التدابير المتبعة عبر المختبر الفيروسي الحديث وبمواصفات عالية موجود في ميناء جازان، يستطيع كشف الحالات سريعا وبجودة عالية. من جانبه أكد مدير الشؤون الإعلامية في قيادة حرس الحدود الملازم أول تركي القصيبي أن أفراد وقوات الحرس تعمل بالمرصاد لكل أنواع عمليات التهريب التي تنفذ إلى حدود الوطن سواء من ممنوعات أو مواشي وفي ذلك تمكن حرس الحدود من القبض على 7118 رأسا من المواشي كان المهربون يحاولون إدخالها إلى الأراضي السعودية وتم تحويلها إلى جهات الاختصاص للتعامل معها . وعن ارتباط الأغنام بنقل مرض حمى الضنك أوضح ل «عكاظ» مدير عام الشؤون الصحية في منطقة جازان الدكتور محسن طبيقي أنه تم دعم وتقوية الرصد الوبائي والحشري مع وضع نظام دقيق للتبليغ ورفع نسبة المراقبة الوبائية وفحص المخالطين لأية حالة كانت سواء مشتبهة أو مؤكدة من الحالات المعلن عنها والتي بلغت 156 حالة حمى ضنك، إضافة إلى عمل التقصي الوبائي لكل حالة وفحص جميع المخالطين للحالات والتأكد من ظهور أعراض المرض من عدمه لكل حالة من المخالطين ورصد تحركات المريض وأماكن تواجده في فترة ما قبل ظهور أعراض المرض، إضافة إلى أن صحة جازان بادرت باتخاذ كافة الإجراءات المتعلقة بالسيطرة على المرض ومنع انتشاره على كافة المحاور، وتم عمل خطة عامة عاجلة في المنطقة للإنذار المبكر والاستكشاف الحشري تهدف إلى مكافحة المرض والسيطرة عليه والوقاية منه؛ لمنع حدوث تفشيات للمرض من خلال التعرف الكامل والمفصل على البعوض الناقل في المنطقة، وتحديد الأماكن الأكثر عرضة للإصابة وتحديد أنواع المبيدات الحشرية الملائمة والطرق الصحيحة لاستخدامها. ووضع حمى الضنك ضمن التشخيص التفريقي لأي حمى غير معروفة السبب أو حمى نزفية، وتحويل أية حالة يتم الاشتباه فيها إلى المستشفى فورا مع تأمين شريط الفحص السيرولوجي السريع على المستشفيات والبدء بالمستشفيات الحدودية واتخاذ الحيطة التامة على منافذ الدخول وتحويل أية حالة مشتبه فيها إلى المستشفى، وتشكيل فريق مركزي لمتابعة الإجراءات وتكثيف الإشراف الفني خلال الشهر المقبل على مراكز ومستشفيات المناطق الحدودية ومراجعة حالات الدخول للمستشفى لأي حالات مشتبهة والإجراءات التي تمت لها. وأبان الدكتور طبيقي أنه تم اعتماد برنامج زمني لرسم خريطة للبعوض بالمنطقة والاستفادة من المعلومات المستخلصة من خطة الإنذار المبكر للاستكشاف الحشري. وأكد مدير صحة جازان أن الحملة تستهدف جميع السكان في منطقة جازان من سعوديين ومقيمين وزائرين والذي يقدر عددهم بحوالي 1.365.756 مليون نسمة وقد تم تأهيل وتدريب أكثر من 300 فرد من القطاع الصحي ودعم معلوماتهم عن حمى الضنك ورفع مهارة الاتصال لديهم، وذلك للمشاركة في تنفيذ الحملة على أكثر من 20 ألف منزل في مدينتي جازان وصامطة بالإضافة إلى تغطية جميع مدارس المنطقة بجميع مراحلها التعليمية وبنوعيها البنات والبنين عن طريق محاضرات وندوات التوعية الصحية وستستمر الحملة لمدة شهرين متتاليين.