بعد 30 عاما من إزالتها في الربع الأخير من القرن المنصرم، قرر أهالي عنيزة بث الحياة مجددا في سوق المسوكف الشهيرة، ودعمت ذلك الحركة السياحية الكبري التى انطلقت من المحافظة كأول مدينة صحراوية تطلق حزمة من المهرجانات السياحية. وللسوق تاريخ يتحدث، فقد كانت من أهم الأسواق التجارية في منطقة نجد خلال النصف الأول من القرن العشرين، وارتبطت بعلاقات تجارية مباشرة مع تركيا، حاضرة الإمبراطورية الإسلامية فى ذلك الوقت، مرورا بأسواق العراق والشام في الغرب، وامتدت ارتباطات المسوكف بتجارة الهند موطن الحضارة الشرقية. ظل تجار المسوكف يترددون بين الشرق والغرب، وتكونت علاقات تجارية واسعة بينهم، وكانت سوق المسوكف هي نقطة الالتقاء، لذلك أصبحت السوق الأكبر والأهم في منطقة نجد، ويقصدها الناس من الرياض ومن كل الأقاليم النجدية، إضافة إلى الحجاج العابرين عن طريق زبيدة الذي كان يمر بعنيزة. وسميت سوق المسوكف بهذا الاسم لأن سقفها كان مغلقا، وهي السوق الوحيدة في المنطقة التي كانت تحمل هذه الصفة، وبعد تأسيس الدولة السعودية وانتقال الثقل التجاري إلى العاصمة الرياضوجدة والطفرة النفطية في الدمام وانتشار الشركات والمؤسسات التجارية، تراجع نشاط سوق المسوكف كثيرا، ومع الزحف الحضاري الجارف والطفرة الاقتصادية الشاملة التي شهدتها المملكة أزيلت السوق بالكامل، وصارت مجرد ذكريات وصور. واليوم، وبعد أن أعاد أهالي عنيزة الحياة إلى سوقهم الشهيرة، تم بناء السوق بشكل مصغر للسوق القديمة، وروعي أن تكون مبنية على الطريقة القديمة وبمواد بناء تقليدية، واستخدم في بنائها عدد من كبار السن من أصحاب الخبرة في البناء القديم، وروعي في السوق الحديثة أن يكون هناك مواقع مخصصة لبيع التراثيات وأماكن لمزاولة الحرف القديمة، إضافة إلى وجود مكان للضيافة. وللتعريف بالسوق تم تخصيص مهرجان سياحي سنوي باسم مهرجان المسوكف التراثي، وانطلقت نسخته الأولى في العام 2009 وتواصلت المهرجانات بعد ذلك، وأصبحت السوق مقصدا لمئات الزوار من داخل وخارج المملكة، وتحتضن العديد من الفعاليات التراثية وغيرها. وتضم السوق حاليا أكثر من 100 محل تجاري شعبي، وقسما خاصا للأسر المنتجة لبيع منتجاتهم من المواد الغذائية والأكلات الشعبية والملبوسات، وتتولى فرقة خاصة من الأطفال تقديم الاستعراضات والألعاب للأطفال الزوار بالطريقة التراثية القديمة.