راقبت الناس طويلا ولم أمت هما، بل ازددت معرفة، وحددت سلوكي منذ زمن طويل بناء على هذه المعرفة، ومما تعلمته وهو كثير أنه كلما ارتقى الوعي، ونضج العقل، قل السلوك العدواني الحركي للحسد، وأصبح المنطق سيد القول والفعل، فالعنف مثلا، والتعارك الجسدي هو سمة السلوك الفطري، والنقاش والحوار مهما احتد دون فعل هو سلوك لمتحضرين، وكلما قل علم الإنسان كان جسده، وحركاته معبرة عن العنف في إبداء وجهة نظره، إلى أن ينزل مستوى التفاهم على الدفع بالأيدي أو التصارع الجسدي كما يحدث في فئات المجتمع الأقل تعليما، والمشكلة أن هذا الحوار بالفعل قد يستعين بسلاح من أي درجة معتقدا أن قوته هي ما يفرض رأيه عند الغضب. وأيضا .. راقبت عالم الحيوان زمنا طويلا، فوجدت أنه كلما تخلف ذلك الحيوان في النشوء، والتطور كان صراعه، وقتاله أقوى وأعنف (لا أقصد هنا الافتراس من أجل العيش) بل أقصد العراك بين أفراد من الفصيلة الحيوانية على الغذاء والتزاوج حتى أن بعض الفصائل المتخلفة يعلو بها الأمر لقطع أعضاء تناسلية للخصم، وبعضها يقتل خصمه ليخلص منه في سبيل التفرد بسيادة مجتمعه، أو قطيعه الحيواني. دعونا في عالم الإنسان المتخلف الذي لم يستطع الحوار، ولجأ إلى الصراع الجسدي غريزتنا الأولى من أجل البقاء، فالدول المتقدمة، والناس المتحضرون يؤجلون عنفهم لأطول مدة ممكنه في سبيل تحاشيه؛ لأن العنف الجسدي، أو المادي هو مضر لكلي طرفي الخلاف، في كل عنف فردي أو دولي بين بني الإنسان وفي العادة يخسر طرفا الصراع، ولكننا نجد سمة الغزو، والتوسع، تأتي من الفرد، أو الدولة الأكثر تخلفا بينما يصل الفرد، أو الدولة المتحضرة لما يريد بأساليب لا تصل للعنف. السلام بين الناس، وبين الحيوان مقترن بمستوى التحضر، ورقي العقل بينما العنف، وضيق الصدر، وقصر النظر (الحشرية) متصل بمدى التخلف، ولكن المتعلم، والمتحضر يلجأ للعنف ضد السلوك الهمجي فقط. للدفاع عن نفسه متى كان عليه فعل ذلك، فغريزة البقاء باقية لكن العقل هذبها، وعدلها. لا مبرر للعنف والحرب إذا كنا نستطيع الوصول لما نريد بإقناع الطرف الآخر بسلام المصالح المتبادلة، والحياد الإيجابي ضد صراعات الآخرين. التشدد والتعصب أيضا هو ضرب من الجهل، فالمتعصب، والمتشدد لا يريان، ولا يسمعان إلا جانب واحد يوافق هواهما، مما يجعلهما يعتقدان أنهما يملكا الحقيقة من وحي غيبي، وتأويله للمعاني، وهذا سبب مشاكل كثيرة تأتي بالعنف بدل الحوار، فلا يختلف المتعصب، والمتشدد عن الجاهل. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 240 مسافة ثم الرسالة