أعترف أنني لا يعجبني العجب، وتمر أسابيع دون أن يستفزني تحقيق استقصائي صحافي للثناء عليه وتأمله والاستفادة منه، البارحة الأولى اطلعت على تحقيق استقصائي للدكتور عبد العزيز خوجة وزيرنا وشاعرنا بأسلوب مستلهم من فكرة وروح التحقيق الاستقصائي أفرد فيه مساحة لإعادة ذاكرتنا المثقوبة لأداب الحوار، حتى نستحق حرية التعبير، كان محايدا ومتجردا وأثناء تأملي لمقالته شعرت أننا -معشر المحققين الاستقصائيين- خسرناه وكسبه عالم الشعر والدبلوماسية والوزارة وكل العوالم التي حصلت منه على نصيب إلا نحن. أتمنى ألا يكون هذا المقال الاستقصائي يتيما وأن يمتعنا بالمزيد؛ لأن الصحافي المحقق الاستقصائي لديه التقاطته الخاصة مثل بصمة الأصبع لا تتكرر، بالتالي لا نريد خسارة هذه البصمة الاستقصائية، إنه إعلان ميلاد مبدع في هذا المجال في زمن نعاني شحا في المحققين الاستقصائيين، والتحقيق في قالب مقال لكنه مميز جدا وقيم. تناول المقال أبحاثا ومراجع؛ استقصى عبرها عن تطلعاتنا في الحوار والسجال الوطني ومنها: (أصول الحوار وآدابه) للشيخ صالح بن حميد، وبحثان للدكتور سلمان العودة، وبحث د. عبد الله بن بيّه (أدب الاختلاف) وكتاب شيخ الأزهر الراحل د. محمد طنطاوي (آداب الحوار في الإسلام)، مستخلصا منها كونها «ترى الالتزام بآداب الحوار يصب في إثراء المصلحة العامة ولا يضعف قيمة النقد أو يلغيها، وهو يرى أن هذه الآراء أجادت حفظ مفهوم النقد من السباب والكذب وانتهاك أعراض الناس وضمائرهم بالزور والباطل وأتقنت صيانة مفهوم الحوار في غاياته النبيلة والبناءة وحسمت مشروعيته وضرورته». كانت دوافع د. خوجة الاستقصائية لافتة ومحفزة لمزيد من البحث والتقصي؛ انطلاقا من كونه يتابع أخيرا السجالات الفكرية في ساحات الحوار وحريصا على دعم المعنى الإيجابي والصحي لتلك السجالات والالتفات إلى أعراضها الجانبية!. ومن منطلق أن بعض الأطراف من تيارات مختلفة «ابتعدت عن قيم الحوار السامية وغاياته العليا وتعاملت مع الحوار كوسيلة لكيل الشتائم وانتهاك النوايا وتصفية الحسابات بحثا عن أمجاد زائفة وانتصارات وهمية على حساب وحدة الوطن والصالح العام» كما يقول، واستشرف د. خوجة أن «أمثال هؤلاء تهاوت قيمتهم في نظر المتلقي أو.. ستتهاوى»!. هل هي صدفة تناول د. خوجة ثقافة الحوار عشية احتفالية اليونسكو بيوم حرية الصحافة العالمي التي توافق اليوم 3 أبريل، وسيقف المشاركون فيها دقيقة صمت تكريما لعدد كبير من الصحافيين دفعوا حياتهم ثمنا لحقنا في المعرفة.! نحتاج أن تتحول الجمل المعبرة التي عنون بها د. خوجة مقالته: الوطن قبل التيّار.. الحق فوق التعصب و «الحوار ليس صراعا».!، إلى حملة تنويرية وبرنامج ثقافي وإن كنا نعيش هذه الآفاق منذ ولادة مركز الحوار الوطني إلا أن لسان حال ما شخصه د. خوجة يؤكد: هل من مزيد.! للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 239 مسافة ثم الرسالة