خرجت من تحت أنقاض عمارة حي الصحيفة السكنية التي انهارت البارحة الأولى، جثث وأحياء، وخرجت من مشهد الانهيار قصص تروى. عبدي إبراهيم محمد خرج قبيل سقوط العمارة بدقائق من أجل شراء الحلوى لأبنائه من مركز تموين في الحي، وعاد إليها لينتشل جثث أربع من أطفاله، ويسعف زوجته واثنتين من بناته. فقد عبدي في الحادث: قاسم، زينب، إنتصار وإبتهال، أطفال في عمر الزهور لا يتعدى أكبرهم السنوات الخمس، يروي الرجل المكلوم «خرجت من منزلي قبل الانهيار لشراء حلوى لأطفالي، فسمعت دوي الانهيار فعدت تلقائيا أركض في اتجاه العمارة للإطمئنان على زوجتي وأطفالي، وعند وصولي إلى الموقع رأيت الركام أمامي، فاندفعت بكل ما أوتيت من قوة لإزالة الأنقاض بمساعدة الجيران والسكان للبحث عن أفراد أسرتي». ويزيد عبدي «عندما استطعت تجاوز الأنقاض رأيت زوجتي عدي محمد نور وابنتي هبة وزهرة، وهن مصابات في أنحاء متفرقة من أجسادهن، فعملت أنا والجيران على انتشالهن، بعد ذلك تمكنت من انتشال جثث بقية أطفالي المتوفين بحضور أفراد الدفاع المدني». وفيما انشغل رجال الدفاع المدني برفع الأنقاض، ظل شقيق عبدي، سيدو إبراهيم محمد (57 عاما) متمسكا بصبر ومحتسبا في فقد اثنين من أطفاله؛ بدرية (ثلاثة اعوام) وريان (عامين) هما طفلا سيدو اللذان كانا يشاهدان التلفاز في ذات الغرفة التي ضمت والدتهما وشقيقهما عبد الله الناجيين من الانهيار بأعجوبة. يروي سيدو القصة «أثناء الحادثة كنت أعمل في كيلو 4، ووردني اتصال من منزل جاري، وكان المتحدث في الطرف الآخر ابنتي حليمة تخبرني بانهيار العمارة وداخلها زوجتي وطفلي عبد الله، فاتجهت مسرعا إلى الموقع وصدمت من هول المنظر والأنقاض المتراكمة، وباشرت فورا وبمساعدة من الجيران على إزالة الأنقاض للبحث عن أفراد أسرتي، وبعد مدة من البحث رأيت زوجتي الحامل في شهرها السابع ممددة تحت الثلاجة وهي محتضنة طفلها عبد الله فأنقذتهما وتم نقلهما إلى المستشفى لتقديم العلاج اللازم لهما». وأشار إلى أن بقية أطفاله حليمة وسلمى وحواء كن في المدرسة لحظة الانهيار. ورفض سيدو المكلوم بفقد اثنين من أطفاله تحميل أحد مسؤولية وفاة طفليه، معتبرا الحادث قضاء وقدرا يحمد عليه المولى عز وجل. ولفت إلى أنه يسكن في العمارة المنهارة منذ 12 عاما، واعتبر وضع العمارة من الناحية الإنشائية أفضل بكثير من العمائر المجاورة لها، التي تكاد أن تنهار على رؤوس ساكنيها في أي وقت. شاهد عيان من ساكني حي الصحيفة يدعى فايز أبورديف يروي مشاهداته «فوجئنا بمرور سيارات الدفاع المدني أمامنا بكثافة والجيران يركضون خلفها، وتوجهنا نحو العمارة ورأينا أنقاض الانهيار منتشرة في الموقع، وعلى الفور دفعنا واجب الجيرة إلى مساعدة رجال الدفاع المدني في إزالة الأنقاض والبحث عن أحياء تحتها، فاستطعنا إنقاذ طفلة تبلغ من العمر تسعة أعوام، وخلال البحث بين الأنقاض سمعنا صوت صدى تحت أقدامنا فعلمنا بوجود غرفة مطمورة بالأنقاض، فاستدعينا مقدما في الدفاع المدني وعملنا على إحداث فتحة واستطعنا إخراج امرأة وطفلها البالغ من العمر ثلاثة أشهر توفي في ما بعد في المستشفى».