اثنتان وسبعون ساعة من الجهد البناء المتواصل كانت متعبة لكنها ممتعة.. هذه الساعات ال «72» بدأت بإقلاع الطائرة من مطار الملك خالد بالرياض، وانتهت بهبوط الطائرة في المطار ذاته مساء يوم الخميس 1/5/1431. أقلعت الطائرة الساعة الثامنة صباح الثلاثاء وحطت عائدة الساعة الثامنة مساء، أما النشاط فكان رحلة معدة مسبقا لزيارة مدينة «تريم» عاصمة الثقافة الإسلامية لعام «2010»، وهي مدينة قديمة حديثة في وادي حضرموت الشهير بمميزاته الثقافية والعمرانية والبشرية، فلقد تمت دعوة كريمة من كل من المهندس عبد الله بقشان، والدكتور عمر بامحسون، فالأول أمد الرحلة بوسيلة الذهاب والإقامة، والثاني كان القائد اليقظ المنضبط للرحلة، مما جعلها ممتعة إلى حد كبير ومثيرة لأعضاء الرحلة الذين لم يكونوا محيطين بما نقلوا إليه، وإن كان بعضهم يظن نفسه عالما بالمكان المقصود بالرحلة من خلال القراءات والسماع. كنا عشرين نفرا من مختلف التخصصات والخلفيات العلمية والحضارية، كثير منهم أكاديميون سابقون، وإن كان البعض ما زال على رأس العمل لقد كنت وغيري نظن أنها نزهة متراخية، لكنها كانت نزهة منظمة متعددة الأوقات والأبعاد، ففيما عدا النوم الذي خصص له ثماني ساعات على الأكثر كان الباقي زيارات لمواقع تاريخية ومؤسسات حيوية لا يمكن حصرها في مقال قصير كهذا. إلا أنني ذهلت عندما رأيت بعضا من المنجزات التي حققها أبناء هذا البلد الشهير، ومن بينها: 1 مؤسسة الصندوق الخيري للطلاب المتفوقين. 2 مؤسسة حضرموت للتنمية البشرية. أما مؤسسة الصندوق الخيري، فهي عبارة عن صندوق خيري أسسه الإخوة أبناء حضرموت في مدينة الرياض ليقدم خدمة لأبناء المغتربين منهم عام 1989م، الذي جرى تطويره فيما بعد إلى مؤسسة رسمية لرعاية الطلاب المتفوقين لضمان استمرار تفوقهم، من خلال إيجاد الجامعات والتخصصات المناسبة لإعدادهم ليكونوا فاعلين طوال حياتهم، بحيث بلغ عدد المستفيدين من خدمات الصندوق منذ تأسيسه حتى عام 2008م «2400 طالب وطالبة»، ولا يزال يدعم الشباب وييسر لهم المنافسة التي تضمن لهم ولذويهم التقدم والازدهار. وأما مؤسسة حضرموت للتنمية البشرية التي أنشئت في عام 2006م، ومقرها الرئيس مدينة المكلا، فهي مؤسسة تسعى إلى التنمية البشرية وأن تكون أنموذجا للعمل المؤسسي القائم على تحقيق مفهوم الجودة الشاملة في عمل منظمات المجتمع المدني، إذ تسعى المؤسسة إلى وضع خطط تؤدي إلى التكامل مع قطاعات التعليم العام والفني والعالي، بأسلوب يضمن عدم الإخلال بالجهود التعليمية في مراحلها المختلفة وأماكن تواجد مؤسساتها مما يؤدي إلى وجود الوسائل الفاعلة المتكاتفة التي تخدم وطنها ومواطنيها. هذان مثلان لعدد كبير من الجهود التي قام أبناء حضرموت المهاجرون بتوفيرها لإخوانهم في مسقط رؤوسهم، مما يدل بشكل واضح على درجة الانتماء التي لم يؤثر فيها البعد عن مسقط الرأس. وقبل أن أختم المقال، أرجو ألا أنسى مدينة «تريم» التي اختيرت عاصمة للثقافة الإسلامية تلك المدينة التي تقبع في الوادي بين جبال عالية وتضاريس متكاتفة وحضارات متتالية. ولولا جهود أبناء حضرموت خارج الوطن المحلي «وادي حضرموت» لما وصلت المعلومات الكافية عن عوامل ترشيحها إلى هذا اللقب الذي هو مصدر فخر للمدينة «ومن يحيط، وما يحيط بها» علما بأنها محدودة الأبعاد، إذ لا تزيد مساحتها على اثنين ونصف كيلو متر. ومع ذلك، ففيها من عوامل الثقافة ما ارتقى بها إلى هذا التصنيف، ولعل الرحلات التي بدأت تتوافد عليها بريادة من أبناء حضرموت في البلدان حولها تعطي صورة عن الوفاء الذي يفتقده كثير ممن هجروا مقرات إفامتهم ونسوها، فيما لم يفعل «الحضارم» إلا متطلبات الوفاء، وذلك هو الذي حقق لهم ولإخوانهم هذا الفوز باختيار «تريم» عاصمة للثقافة.. بارك الله فيهم ولهم. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 112 مسافة ثم الرسالة