من ذا الذي ما ساء قط ومن له الحسنى فقط و قال الشاعر الآخر: إبليس والدنيا ونفسي والهوى كيف الخلاص وكلهم أعدائي نعم من منا ما واقع ذنبا ولا مسّ معصية؟ من منا ما قارف إثما ولا شارف خطيئة؟ وهذه الفانية المحفوفة بالشهوات هي من نروح ونغدو في جنباتها وبكل ذرة فيها نشتم قسم إبليس اللعين في إغوائه لنا وقعوده بنا كل صراط مستقيم .. ولكن هذا الإيمان الذي في صدورنا لابد أن نتعاهده خصوصا عند كل داع لذنب ومعصية، وإثم وخطيئة، فنرى موقعنا من قوله صلى الله عليه وسلم: (من سرته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن) ونرى قدر الذنوب والمعاصي منا أهي كالجبل في ثقلها فتذيبه سيول الاستغفار والتوبة؟ أم هي كالذبابة على أنف أحدنا لا يعبأ إلا بحركة ضعيفة تطيرها؟ فيتخلى الله عنه ويكله إلى نفسه لأنه لم يعتصم بالله. ومع كل حالات المعصية والجنوح إلى التوبة علينا ملازمة الستر.. مع أنفسنا فلا نعلم أحدا بذنب لنا أو معصية...قالت عائشة رضي الله عنها لامرأة شكت لها رجلا أخذ بساقها وهي محرمة: يا نساء المؤمنين إذا أذنبت إحداكن ذنبا فلا تخبرن به الناس ولتستغفرن الله ولتتب إليه فإن العباد يعيرون ولا يغيرون والله تعالى يغير ولا يعير. علينا بملازمة الستر مع الآخرين فقد قال صلى الله عليه سلم: (لا يستر عبدٌ عبداً في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة). قال ابن حجر: (والذي يظهر أن الستر محله في معصية قد انقضت، والإنكار في معصية قد حصل التلبس بها فيجب عليه الإنكار وإلا رفعه إلى الحاكم.) وقال النووي: (المراد بالستر ستر ذوي الهيئات ونحوهم ممن ليس معروفا بالأذى والفساد، فأما المعروف بذلك فيُستحب ألا يُستر عليه؛ لأن الستر على هذا يُطمعه في الإيذاء والفساد.) فلنعرف قدر أهل المعاصي وماذا لهم وماذا عليهم، ونفقه المعصية، وعظمة الله الذي نعصيه وما تقتضيه المعصية من الستر .. فبالستر تنطفئ نار الفساد في المجتمع وتُشرق شمس المحبة وحسن الظن بين الناس. [email protected]