كلنا يعشم في أخيه وصديقه، فمنا من تحقق عشمه، ومنا من خاب وخذله من عشمه. بحثت في معاجم اللغة عن هذه الكلمة في العربية، فوجدت مادة: عشم عشما وعشوما، وتعشم الشيء أي يبس، ويقال: خبز عشم أي: يابس، ويوصف الرجل أو المرأة على حد سواء بأنه، أو أنها، عشمة، أي: هزيل أو هزيلة. لكني وجدت العشم كذلك بمعنى: الطمع، وفي هذا يقول الشاعر ساعدة بن جؤبة الهذيلي: أم هل ترى أصلات العيش نافعة أم في الخلود ولا بالله من عشم؟ وما أقصده في هذه السطور هو عشم ساعدة الهذيلي، الطمع في تحقيق شيء ما، وتمني النفس بناء على وعد من طرف آخر بحدوث شيء ووقوعه، يحقق للمرء «المتعشم» ما يبتغيه، وقد يكون هذا المبتغى والمراد أمرا مهما يتوقف عليه مستقبل إنسان، أو حل مشكلة ونحو ذلك. من منا لم يُعشم آخر، و«تعشم» من الآخرين؟! نحن نعد البعض بتحقيق أمور عديدة، قد نفي بهذه الوعود ونحقق لأصحابها ما «عشمناهم» به، وقد لا نحقق لهم شيئا، والأخيرة ربما كانت عن عدم القدرة على التحقيق، وربما كانت أيضا لعدم مبالاة واهتمام هذا الذي عشم الآخرين. و«التعشيم» أي وعد الآخرين بتحقيق أمور ما، في الغالب ما يكون من الكبير للصغير، الكبير في السن أو المكانة أو الوظيفة، لمن هم دونه، وهذا ما نلمسه كثيرا في حياتنا، وما يترتب عليه من أضرار اجتماعية ونفسية تلحق بالأفراد. فهذا أب، يعشم ابنه من باب التحفيز والحث برحلة إلى الخارج، أو هدية كبرى، وإذا ما حقق الابن نجاحا وتفوقا في دراسته. اجتهد الابن، وأدى ما عليه، لكن الأب لم يف بما عشم به ابنه، والنتيجة هي: إحباط للابن، وهز الثقة بداخله تجاه والده القدوة. وهذا مسؤول في وزارة أو إدارة، يعشم موظفا في وزارته أو إدارته بالتعيين في منصب ما، أو في وظيفة بعينها، فيعيش هذا الموظف أحلاما وردية نتيجة هذا العشم= الطمع (وهو أمر مشروع هنا) في تحقيق وعد سعادة المسؤول الكبير، لكن سرعان ما يخيب أمله، بعد أن يطول الزمن، ولا يتحقق العشم، فيصاب بحالة من الإحباط، تؤثر على أدائه الوظيفي، كما تزعزع ثقته في هذا المسؤول. هكذا نرى أن العشم الذي نطلقه دون أن نعد أنفسنا لتحقيقه وقد يكون ذلك من باب المجاملة، أو التهرب من إلحاح بعض الأشخاص، له أضراره على الإنسان بعامة، والمجتمع كذلك، ومن هنا يجب علينا ألا نعد الآخرين ولا نعشمهم إلا إذا كنا نستطيع تحقيق تلك الوعود، وهذه «التعشيمات»، وأن نفكر في الأمر جيدا، فأخشى أن يقع المحظور، ويكون عدم تحقيق العشم في أخذ نظرة مغايرة عن العشم. ومعذرة: لن أعشمكم بشيء. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 177 مسافة ثم الرسالة