قدم ملكنا رعاه الله الهدية للرئيس الضيف كالعادة المتبعة في الزيارات الرسمية، وكانت الشاشة التلفزيونية تنقل الحدث مفصلا بالصوت والصورة. إنما هناك لقطات صغيرة عابرة وصامتة لا تعبر عنها الصورة في الشاشة ولا تعطيها حقها من التفسير .. لقطات تحمل دلالات على مفهوم الملكية السعودية عند الملك البار ومفهوم السلطة في ممارسات القيادة السعودية، ترى فيها مكانة الشعب عند الملك .. بينما المعتاد العكس في الصور العربية المنشورة .. المعتاد ظهور مكانة .. الملوك والرؤساء والحكام عند الشعوب!! فالشعوب هي التي تهتف، وتصفق، وتعبر عن ولائها لحكامها ملوكا أو رؤساء! الشعوب هي التي تقود حملات التعبير في المناسبات وهي التي تعلن عبارات التأييد والولاء وهي التي تردد أسماء حكامها في هتافات ودية معبرة لها صوت وصدى! وفي الغالب الرؤساء والحكام والملوك هم المستقبلون لعواطف الشعوب وهم المتقبلون لما تعلنه ألسنة الشعوب! فالناس تتكلم وتعبر والقيادات تسمع وتحيي أي تقدم التحية في تلويحة الرضا المقدمة بالأيادي الكريمة للناس! هكذا جرت العادات! الملك عبد الله بن عبد العزيز رعاه الله جاء بموقف مختلف في مناسبة يتكرر مثلها عشرات المرات في بلاد الله الواسعة عندما يتم تبادل الزيارات بين القيادات. قال حفظه الله كلمة لايذكرها غيره في مثل هذه المناسبات الدبلوماسية والتي لا تقام في محفل عام أي بحضور الجماهير إنما تقام في مكان مخصص لها ويحضرها فقط الوفود الرسمية من الجانبين! قال عندما قدم هديته لضيفه الكريم هذه من الشعب السعودي ما هي مني من شعب المملكة العربية السعودية!! قمة التواضع والعنفوان في آن! هل كان مجبرا رعاه الله أن يذكر الشعب في هذا الموقف الرسمي؟ هل الأعراف الدبلوماسية المتعارف عليها تحتم ذلك؟! لا، أبدا، وما أكثر الهدايا المتبادلة للرؤساء والحكام والملوك بداية من أكثرهم ديمقراطية ونهاية عند أكثرهم دكتاتورية! ولا أحد منهم .. يخطر بباله أن يقول لرئيس ضيف هذه هدية الشعب!! الملك عبد الله بن عبد العزيز خادم الحرمين ملك المملكة العربية السعودية وحده حضر الشعب عنده في مكان ليس للشعب، فما هو مجلس الشعب مثلا ولا هو البرلمان ولا هو مجلس الشورى هو استقبال رسمي ومع ذلك قفز رعاه الله على كل ذلك وأحضر الشعب في مكان ليس للشعب!! وكأنه كان يحمل شعبه على أكتافه ثم وضعه على الأرض كي يقدم الهدية!! بقوة الحب كان الشعب في تلك الأمسية الرسمية! هذه ملكيتنا! ملكية عمقها شعبي بسيط متواضع عظيم في بساطته وتلقائيته وسعة حلمه! هذا هو الملك لا ينسى الشعب حتى في المواقف الرسمية! ولو عمل العاملون في بلادنا لتحقيق ما في قلب الملك ما كان وجدنا سعوديا واحدا جائعا ولا محروما ولا عاطلا .. ولا حتى مديونا! لو كانوا يحملون قلبه بين أضلاعهم ما تسممت القنفذة بالدواء الفاسد ولا مرضت جيزان، ولا استغاثت تبوك، لكن!! أعرف أن القلب الطاهر لا تعنيه هذه الكلمات وأعرف أنه رعاه الله لديه من المشاغل ما يكفيه عن زوايانا وهو ليس في حاجة منا للكلمات .. لكنني أكتب كي أكشف الغطاء عن الوجه الحقيقي للوطن ! للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 152 مسافة ثم الرسالة